شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في زكاة ما أخرجت الأرض

صفحة 99 - الجزء 2

باب القول في زكاة ما أخرجت الأرض

  يلزم العشر في كل ما أخرجت الأرض إن كان سقيه سيحاً أو بماء السماء أو ما كان من الشجر بعلاً.

  وإن كان مما يسقى بالدوالي والخطارات ففيه نصف العشر، وإن كان يسقى نصف السنة بالدوالي ونصفها سيحاً أخذت الصدقة بحساب ذلك.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣١).

  وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا زكاة إلا فيما يقتات.

  والذي يدل على ما ذهبنا إليه قول الله تعالى: {وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوْمَ حِصَادِهِۦۖ}⁣[الأنعام: ١٤٢]، وقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةٗ}⁣[التوبة: ١٠٤]، وهذا عام في جميع الأموال، وقوله تعالى: {أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ اَ۬لْأَرْضِۖ}⁣[البقرة: ٢٦٦]، وهذا عام في كل ما أخرجت الأرض.

  ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكْلُهُۥۖ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهاٗ وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٖۖ ...} الآية [الأنعام: ١٤٢]، فأوجب فيها حقاً، ولا حق سوى الصدقة يجب.

  فإن قيل: قوله تعالى: {وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوْمَ حِصَادِهِۦۖ} راجع إلى الزرع دون الثمار؛ لأن الحصد يستعمل في الزرع دون الثمار.

  قيل له: الحصد هو الاستئصال، فكل ما أخذ من ثمر أو زرع لم يمتنع أن يستعمل ذلك فيه، على أن التعلق بقوله تعالى: {وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوْمَ حِصَادِهِۦۖ}، هو⁣(⁣٢) أنه راجع إلى جميع ما تقدم، فلو سلمنا أن قوله: {يَوْمَ حِصَادِهِۦۖ} راجع إلى الزرع لم يمتنع⁣(⁣٣) أن يكون قوله: {وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ} راجعاً إلى جميع ما تقدم.


(١) الأحكام (١/ ١٧٤)، والمنتخب (١٦٥).

(٢) في المخطوطات: وهو.

(٣) فيما ذكره # غاية البعد، فالأولى الاقتصار على الوجه الأول. (مولانا شرف الدين. من هامش أ).