شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في أمان أهل الإسلام لأهل الشرك

صفحة 535 - الجزء 6

باب القول في أمان أهل الإسلام لأهل الشرك

  يجوز أمان كل واحد من المسلمين للمشركين قلوا أو كثروا⁣(⁣١).

  وهذه الجملة مما لا خلاف فيها.

  والأصل فيه: قول الله ø: {وَإِنْ أَحَدٞ مِّنَ اَ۬لْمُشْرِكِينَ اَ۪سْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّيٰ يَسْمَعَ كَلَٰمَ اَ۬للَّهِ}⁣[التوبة: ٦]، وقوله: {فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَيٰ مُدَّتِهِمْۖ}⁣[التوبة: ٤]، وقول النبي ÷: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم»، وما كان من النبي ÷ من مهادنة⁣(⁣٢) أهل مكة، وإجارة زينب بنت رسول الله ÷ زوجها أبا العاص بن الربيع، وقال ÷ يوم فتح مكة: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن»⁣(⁣٣).

  قال: ولو أن مسلماً أمن عسكراً من عساكر أهل الشرك أو قرية من قراهم ثم علم به الإمام لم يجز له اسبتاحتهم حتى يخرجوا من ذمة الأمان⁣(⁣٤).

  وهذا مما لا خلاف فيه؛ لقول الله ø: {فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَيٰ مُدَّتِهِمْۖ}⁣[التوبة: ٤]، ولأن النبي ÷ حين قوي أمر المسلمين استقام على ما كان منه من معاهدة أهل مكة انتظاراً لانقضاء المدة المضروبة، حتى كانوا هم الذين ابتدءوا نقض العهد.

  قال: ولا يجوز الأمان إلا إذا كان إلى مدة مضروبة، ولا يجوز فيه التأبيد⁣(⁣٥).

  وذلك أن الأصل في الكفار القتل أو الإسلام أو أخذ الجزية ممن يجوز أخذها منهم؛ لقول الله ø: {فَاقْتُلُواْ اُ۬لْمُشْرِكِينَ}⁣[التوبة: ٥]، وقوله: {وَاقْتُلُوهُمْ


(١) الأحكام (٢/ ٤٠٦).

(٢) في (أ، ج): شهادته.

(٣) أخرجه مسلم (٣/ ١٤٠٧).

(٤) الأحكام (٢/ ٤٠٦).

(٥) الأحكام (٢/ ٤٠٧).