باب القول في أمان أهل الإسلام لأهل الشرك
باب القول في أمان أهل الإسلام لأهل الشرك
  يجوز أمان كل واحد من المسلمين للمشركين قلوا أو كثروا(١).
  وهذه الجملة مما لا خلاف فيها.
  والأصل فيه: قول الله ø: {وَإِنْ أَحَدٞ مِّنَ اَ۬لْمُشْرِكِينَ اَ۪سْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّيٰ يَسْمَعَ كَلَٰمَ اَ۬للَّهِ}[التوبة: ٦]، وقوله: {فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَيٰ مُدَّتِهِمْۖ}[التوبة: ٤]، وقول النبي ÷: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم»، وما كان من النبي ÷ من مهادنة(٢) أهل مكة، وإجارة زينب بنت رسول الله ÷ زوجها أبا العاص بن الربيع، وقال ÷ يوم فتح مكة: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن»(٣).
  قال: ولو أن مسلماً أمن عسكراً من عساكر أهل الشرك أو قرية من قراهم ثم علم به الإمام لم يجز له اسبتاحتهم حتى يخرجوا من ذمة الأمان(٤).
  وهذا مما لا خلاف فيه؛ لقول الله ø: {فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَيٰ مُدَّتِهِمْۖ}[التوبة: ٤]، ولأن النبي ÷ حين قوي أمر المسلمين استقام على ما كان منه من معاهدة أهل مكة انتظاراً لانقضاء المدة المضروبة، حتى كانوا هم الذين ابتدءوا نقض العهد.
  قال: ولا يجوز الأمان إلا إذا كان إلى مدة مضروبة، ولا يجوز فيه التأبيد(٥).
  وذلك أن الأصل في الكفار القتل أو الإسلام أو أخذ الجزية ممن يجوز أخذها منهم؛ لقول الله ø: {فَاقْتُلُواْ اُ۬لْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥]، وقوله: {وَاقْتُلُوهُمْ
(١) الأحكام (٢/ ٤٠٦).
(٢) في (أ، ج): شهادته.
(٣) أخرجه مسلم (٣/ ١٤٠٧).
(٤) الأحكام (٢/ ٤٠٦).
(٥) الأحكام (٢/ ٤٠٧).