باب القول في حد الزنا
  أن عمر لما نفى ربيعة في الخمر لحق بالروم فقال: لا أنفي بعده أحداً(١)، ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة، فصح(٢) أنهم لم يكونوا يرونه حداً. وروي عن علي # أنه قال: (كفى بالنفي فتنة)(٣) فجرى مجرى الإجماع من الصحابة أنه ليس من الحد، وأن الإمام يأتيه على سبيل التأديب بحسب اجتهاده.
مسألة: [في حد الزاني المحصن]
  قال: فإن كان محصناً فإنه يجلد مائة جلدة ثم يرجم(٤).
  أما الرجم فثابت بالإجماع، وأما الجلد فإنه واجب لقول الله ø: {اَ۬لزَّانِيَةُ وَالزَّانِے فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٖۖ}[النور: ٢] فعم ولم يخص بكراً من ثيب، فوجب أن يكون ثابتاً على البكر والمحصن.
  ويدل على ذلك قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٖ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَي اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ مِنَ اَ۬لْعَذَابِۖ}[النساء: ٢٥] فبين أن على المحصنات عذاباً يتنصف، وليس ذلك إلا الجلد؛ لأن الرجم لا يتنصف، فثبت أن المحصن يجلد. ويدل على ذلك حديث عبادة عن النبي ÷ أنه قال: «الثيب بالثيب جلد مائة والرجم، والبكر بالبكر جلد مائة وحبس سنة»(٥) وروي عن أبي الزبير عن جابر أن رجلاً زنى فأمر به النبي ÷ فجلد، ثم أخبر أنه قد كان أحصن، فأمر به فرجم(٦)، فدل ذلك على أن الجلد كان واجباً عليه مع الرجم؛ لأن ذلك لو لم يكن لكان سهواً من النبي ÷، والسهو على رسول الله ÷ لا يجوز
(١) أخرجه عبدالرزاق في المصنف (٩/ ٢٣٠، ٢٣١) والنسائي (٨/ ٣١٩).
(٢) في (أ، ب، ج، د): صح.
(٣) أخرج نحوه عبدالرزاق في المصنف (٧/ ٣١١).
(٤) الأحكام (٢/ ١٥٣) والمنتخب (٦٢٥).
(٥) أخرجه مسلم (٣/ ١٣١٦) بلفظ: «ونفي سنة». وبلفظ الكتاب أخرجه في مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٢٨) عن علي # عن رسول الله ÷.
(٦) أخرجه الدارقطني في السنن (٤/ ٢١٨) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٣٧٨).