باب القول فيما يقع من الطلاق وما لا يقع
  فإن قيل: فما أنكرتم على من قال لكم: إنهم أقاموا على النكاح لأن العدة لم تكن انقضت؟
  قيل له: لم يرو ذلك في شيء من الأخبار، ولا روي أنهم اعتبروا ذلك في شيء من الأحوال، ولو كان ذلك كذلك لكان يقال لهم: من كانت امرأته قد انقضت عدتها قبل الرجوع إلى الإسلام فليجدد النكاح، فلما لم يرو ذلك علمنا أنهم لم يعتبروه.
  فإن قيل: فلم يرو عنهم أحد أنه قيل لهم: من ارتد منكم من الزوجين أحدهما قبل صاحبه انفسخ نكاحه.
  قيل له: ذلك قد علمناه بالإجماع، ولولا الإجماع لجوزنا خلافه.
  ومما يدل على ذلك: أنه قد ثبت أن الكفر لا ينافي النكاح كما لا ينافيه الإسلام، ألا ترى أن نكاح الكفار مع الكفر يصح كما أنه يصح نكاح المسلمين مع الإسلام، وإنما الموجب للفرقة هو اختلاف دينهما؟ فإذا ثبت ذلك ثبت أنهما إذا ارتدا معاً لم يجب وقوع الفرقة بينهما كما أنهما إذا أسلما معاً لم يجب وقوع الفرقة بينهما؛ لأن دينيهما لم يختلفا.
  فأما التوارث فنحن نشرحه إن شاء الله في كتاب المواريث، وكذلك قتل المرتد نذكره في كتاب الحدود بعون الله.
مسألة: [في حكم ولد الزوجين المرتدين عن الإسلام]
  قال: فإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ ردتهما فحكم الولد حكم الإسلام، فإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر فحكمه حكمهما في الردة.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١).
  والمراد بأن حكم الولد حكم الإسلام أو الردة إنما هو في التوارث وسقوط التوارث؛ لأن الولد إن ثبت له حكم الردة لم يرث أبويه، وإن ثبت له حكم الإسلام ورثهما.
(١) الأحكام (١/ ٣٥٥).