باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات
مسألة: [في المحرم إذا أخذ صيداً فمات في يده أو حمله إلى بلده]
  قال: ولو أن محرماً أخذ صيداً شراءً أو اصطياداً ثم لم يرسله حتى مات في يده فعليه الجزاء، ولو أنه اصطاده ثم حمله إلى بلده فعليه أن يرده إلى حيث أخذه ثم يرسله، ويتصدق بصدقة لحصره وإفزاعه، فإن لم يرسله حتى مات فعليه الجزاء.
  وجميعه منصوص عليه في المنتخب(١).
  ولا خلاف أن ما أخذه المحرم من الصيد على سبيل المباشرة فهو ضامن له، وأنه إن مات في يده فعليه الجزاء؛ لأنه يكون سبب تلفه وهلاكه، فكأنه قتله.
  وقلنا: إن عليه أن يرده إلى حيث أخذه منه ليكون قد رده إلى مأمنه، وليكون قد أزال الضرر عنه، ألا ترى أنا نوجب الصدقة في إفزاعه وحصره لما فيه من إدخال الضرر عليه. ولا خلاف أنه إن نتفه لزمه جزاء إن لم يعد إلى ما كان عليه.
  والأصل في جميع ذلك قوله ÷: «لا ينفر صيدها»، وليس في التنفير إلا إدخال الضرر عليه.
مسألة: [في مكان ذبح الجزاء وتفريق لحمه]
  قال: وعليه أن يبعث الجزاء إلى مكة، ولا يجزيه ذبحه في بلده.
  وهذا منصوص عليه في المنتخب(٢).
  ونص أيضاً فيه على أنه يتصدق بمكة.
  ونص في الأحكام(٣) على أن من خاف تلف هديه في الطريق باعه واشترى بدله، فإن فضل من ثمنه شيء اشترى بثمنه طعاماً وتصدق به في منى.
  فدل على أنه يوجب التصدق به في الحرم كما ذهب إليه الشافعي.
(١) المنتخب (١٩٤).
(٢) المنتخب (١٩٧).
(٣) الأحكام (١/ ٣٠٤) ولفظه: وإن كان ثمن المريض أكثر من ثمن ما اشترى اشترى بما بقي هدياً آخر بالغاً ما بلغ من بقرة أو شاة، وإن لم تبلغ الفضلة ثمن شاة اشترى بها طعاماً فتصدق به على المساكين بمنى وبعد نحره لهديه.