شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صلاة السفر والخوف

صفحة 645 - الجزء 1

  والأصل فيه: أنه لا خلاف في أن المقيم إذا عزم على السفر لا يكون مسافراً حتى يخرج ويسير، وأن المسافر إذا عزم على المقام صار [به⁣(⁣١)] مقيماً، فلما ثبت ذلك قلنا: إن المسافر إذا دخل في الصلاة ثم عزم على الإقامة لزمه الإتمام؛ لأنه بالعزم يكون مقيماً، وصلاة المقيم أربع لا يجزي غيرها.

  وقلنا: إنه إن عزم بعد ذلك على السفر لم يجز له القصر لأنه لا يصير المقيم مسافراً بالعزم على ما بيناه.

مسألة: [في صفة صلاة الخوف]

  قال: وصلاة الخوف أن ينقسم المسلمون قسمين، تقوم فرقة منهم بإزاء العدو يدفعونه، وفرقة يصلي بهم الإمام، يبتدئ فيفتتح الصلاة ثم يقرأ ويركع ويسجد، ثم يقوم الإمام مع الفرقة الأولى فيطول القراءة، وتركع الفرقة الأولى ويتمون لأنفسهم ركعة أخرى ويسلمون، وينصرفون ويقومون بإزاء العدو، ثم تأتي الفرقة الثانية التي لم تصل فتفتتح الصلاة خلف الإمام، فيصلي بهم الإمام الركعة الثانية، ثم يتشهد الإمام ويسلم، ويقوم الذين خلفه فيصلون الركعة الباقية وحدهم.

  وذلك كله منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣٢)، وهو مذهب الإمامية والناصر #، إلا في تسليم الإمام فإنهم يذهبون إلى أن الإمام إذا قعد للتشهد انتظر فراغ الفرقة الثانية ثم يسلم بهم.

  والأصل في ذلك: قول الله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ} الآية [النساء: ١٠٢]، فدلت الآية على أن الناس ينبغي لهم أن يقتسموا طائفتين، طائفة يقومون مع الإمام {فَإِذَا سَجَدُواْ} فالمراد⁣(⁣٣) به إذا فرغوا من الصلاة،


(١) ما بين المعقوفين من (ب).

(٢) الأحكام (١/ ١٢٧)، والمنتخب (١٠٩).

(٣) في (ب): المراد.