باب القول في المهور
مسألة: [في أن الخلوة الصحيحة توجب المهر المسمى كاملاً]
  قال: وإذا خلا الزوج بزوجته وأرخى الستر دونهما وجب المهر كاملاً إذا كانت المرأة تصلح للجماع، ولو أرخى الستر عليهما ومعهما في البيت غيرهما، ولم يمسها لم يجب المهر كاملاً.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(١).
  وما ذكرناه من كونها ممن تصلح للجماع منصوص عليه في المنتخب.
  والقول بأن الخلوة توجب جميع المهر قول علي #(٢) ورأي جميع أهل البيت $، لا أحفظ عن أحد منهم خلافاً فيه.
  وروي نحو ذلك عن عمر وعثمان وزيد بن ثابت وابن عمر(٣)، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وأحد قولي الشافعي، والقول المشهور للشافعي أنها لا تستحق كمال المهر إلا بالوطء.
  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قول الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اُ۪سْتِبْدَالَ زَوْجٖ مَّكَانَ زَوْجٖ وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَيٰهُنَّ قِنطَاراٗ فَلَا تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَئْاًۖ}[النساء: ٢٠] وهذا عام في الجميع منهن إلا ما خصته الدلالة، ثم بين تعالى حكم الخلوة فقال: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُۥ وَقَدْ أَفْضَيٰ بَعْضُكُمْ إِلَيٰ بَعْضٖ}[النساء: ٢١] والإفضاء هو خلوة الزوج بها بحيث لا ساتر بينهما؛ لأنه مأخوذ من الفضاء؛ يبين ذلك ما روي: «لا يفضين رجل إلى رجل ولا امرأة إلى امرأة إلا إلى ولده أو والده» فبان أن المراد بالإفضاء ليس هو الجماع، روى ذلك أبو داود(٤).
  ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَءَاتُواْ اُ۬لنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحْلَةٗۖ}[النساء: ٤]
(١) الأحكام (١/ ٣٦٣) والمنتخب (٢٤٢).
(٢) رواه عنه في مجموع الإمام زيد بن علي # (٢١٨).
(٣) أخرج ذلك عنهم البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٤١٦، ٤١٧).
(٤) سنن أبي داود (٢/ ١١٨، ١١٩).