باب القول في الدعوى والبينات
  ويقال لمحمد والشافعي: التراد على القيمة يكون لفسخ البيع، ولا يصح فسخ بيع سلعة مستهلكة، كما أنه لو ظهر بها عيب بعد الاستهلاك لم يصح فيها الفسخ، والعلة أنها مستهلكة، فكذلك ما اختلفنا فيه.
  فإن قيل: اختلافهما في الثمن يمنع صحة العقد.
  قيل له: ليس ذلك كذلك؛ لأن كل واحد منهما مقر بصحة العقد بثمن معلوم، وإنما اختلفا في مقدار الثمن، [وأيهما قد كان صادقاً في مقدار الثمن](١) صح البيع به، فلم يكن لإفساده وجه.
  ويقال لهما: قولكما هذا يؤدي إلى خلاف موجب الشرع والعقل، وهو أن يلزم المشتري في حال دون ما يقر هو للبائع ويدعيه، وذلك كأن يختلفا في ثمن عبد قيمته خمسمائة، فيقر المشتري أنه اشتراه بسبعمائة، ويدعي البائع أنه باعه بألف، وأن يؤخذ من المشتري في حال أكثر مما يدعيه البائع، وذلك كعبد قيمته ألف، فيدعي المشتري أنه اشتراه بخمسمائة، ويدعي البائع أنه باعه بسبعمائة، وما أدى إلى مثل هذا الفاسد يجب أن يكون فاسداً، فصح ما ذهبنا إليه.
مسألة: [في البائع يرد الثمن بالعيب فينكره المشتري، والمشتري يرد السلعة بالعيب فينكرها البائع]
  قال: وإذا اشترى رجل من رجل شيئاً بدينار، وقبض البائع الدينار ومضى، ثم جاء يرده على المشتري بالعيب، فأنكر المشتري أن يكون ذلك ديناره - كانت البينة على البائع، واليمين على المشتري، فإن جاء المشتري يرد السلعة بالعيب فأنكرها البائع فالبينة على المشتري، واليمين على البائع(٢).
  والوجه في ذلك: أن كل واحد منهما في المسألتين يدعي على صاحبه أنه يلزمه
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج).
(٢) المنتخب (٣٦٠، ٥١٢).