شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في القسامة

صفحة 372 - الجزء 5

  وقلنا: لهم الخيار لأنه قد ثبت لهم الخيار في أصل اليمين لما بيناه فيما مضى من قول النبي ÷: «اختاروا منهم خمسين رجلاً» ولقوله لآخر: «اجمع منهم خمسين رجلاً» فجعل ذلك إليهم في الأصل، فكذلك في التكرير.

مسألة: [في القتيل يوجد بين قريتين ولم يعرف من أيهما قاتله]

  قال: وإذا وجد القتيل بين قريتين ولم يعرف من أيهما قاتله قيس بين القريتين ولزمت القسامة أقرب القريتين إلى المقتول⁣(⁣١).

  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.

  والدليل عليه: ما روي عن النبي ÷ وعلي # وعمر على ما بيناه فيما تقدم. على أنا قد بينا أن القسامة موضوعها على الظنة، فأقرب القريتين إلى القتيل أقرب إلى حال الظنة، فكان أولى بالقسامة. على أن كثير البعد كقليله⁣(⁣٢)، فكما أن القتيل لو كان على باب إحدى القريتين وكان بعيداً شديد البعد عن القرية الأخرى كانت القسامة على من وجد على باب قريتهم لعلة القرب فكذلك ما ذكرناه.

مسألة: [في ادعاء أولياء الدم القتل على رجل معين أو على قوم من أهل القرية]

  وإذا وجد القتيل بين قوم فادعى أولياء القتيل قتله على رجل بعينه بطلت القسامة، وكانت على أولياء القتيل البينة، وعلى المدعى عليه إن أنكر اليمين⁣(⁣٣).

  وذلك أن أصل القسامة إنما كان للالتباس، ولأن الدعوى من أولياء الدم لم تتوجه على واحد، فإذا توجهت على واحد بعينه صار ولي الدم مدعياً عليه، وهو منكر لدعواه، فوجب فيه ما يجب في سائر الحقوق، ويكشف ذلك أن النبي ÷ أوجبها لادعاء أولياء الدم على أقوام لا بأعيانهم، فيجب أن يجري الأمر


(١) الأحكام (٢/ ٢٣٢).

(٢) كذا في المخطوطات.

(٣) المنتخب (٥٩٣).