باب القول في الغنائم وقسمتها
  سهم الله من الغنائم والصفي»(١)، فأمر رسول الله ÷ بإيتاء الصفي، فدل على أن ذلك ثابت(٢)، فإذا صح ذلك وجب أن يكون ذلك للإمام بعده؛ لأنه القائم مقامه بتحمل أعباء الأمة(٣) وتدبير أمرها والنظر في أمورها(٤)، كما بينا ذلك في سهم النبي ÷ من الخمس. وأيضاً إذا ثبت التنفيل بما(٥) نبينه من(٦) بعد ثبت الصفي؛ لأنه إذا جاز أن ينفل الإمام غيره جاز أن ينفل نفسه؛ لأن التنفيل للعناء، وعناء الإمام أعظم من عناء غيره.
  وروى أبو العباس الحسني ¥ بإسناده عن عمران بن حصين في حديث طويل قال: بعث رسول الله ÷ جيشاً واستعمل عليهم علياً #، فمضى فأصاب جارية لنفسه، فأنكروا عليه، فأخبر بذلك رسول الله ÷، فقال رسول الله ÷ والغضب يعرف في وجهه: «ما تريدون من علي؟ - ثلاثاً(٧) - إن علياً مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن من بعدي»(٨)، فتقريره علياً # على أخذ الصفي دلالة على أن للإمام أخذه.
مسألة: [في أن للإمام أن ينفل من الغنائم من رأى تنفيله]
  قال: وله أن ينفل من رأى تنفيله على ما يراه(٩).
  وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة وأصحابه: النفل قبل إحراز الغنيمة.
  والأصل في ذلك قوله ø: {يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ اِ۬لْأَنفَالِۖ ...} الآية [الأنفال: ١]،
(١) أخرجه الطحاوي (٣/ ٣٠٢) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٤٩٥).
(٢) في (هـ): فدل على أنه واجب وأن ذلك ثابت.
(٣) في (هـ): الإمامة.
(٤) «أمورها» ساقط من (ب)، وفي (د): أمرها.
(٥) في (أ، ج): مما.
(٦) «من» ساقط من (أ، ج). وفي (ب، د، هـ): ثبت في الصفي.
(٧) «ثلاثاً» ساقط من (ب، د، هـ).
(٨) وأخرجه الترمذي (٦/ ٧٣) وابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ٣٧٢، ٣٧٣).
(٩) الأحكام (٢/ ٣٨٢، ٣٨٣).