باب القول في التدبير
باب القول في التدبير
  إذا قال الرجل لمملوكه: «أنت حر بعدي» كان مدبراً يعتق إذا مات الرجل من ثلث ماله، وليس له أن يبيعه في حياته إلا من ضرورة(١).
  لا خلاف أنه يعتق بعد موته، وأنه يعتق من الثلث، واختلف الناس في بيعه في حياة المدبر، قال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز بيعه على وجه، وقال الشافعي: يجوز بيعه على كل وجه. وبه قال الناصر، وروى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ أن رجلاً أتى علياً فقال: إني جعلت عبدي حراً إن حدث بي حدث، أفلي أن أبيعه؟ قال: (لا)(٢).
  ومعناه عندنا إذا لم يكن هناك حال ضرورة.
  وحكي عن مالك قال: لا يباع(٣) إلا في الدين. ويشبه أن يكون قوله مثل قولنا. لما روي عن جابر عن النبي ÷ أن رجلاً دبر غلاماً له لا مال له غيره، وروي: وعليه دين، فقال ÷: «من يشتريه» فاشتراه نعيم بن النحام(٤)، وفي بعض الأخبار: «إذا احتاج أحدكم فليبدأ بنفسه» وروي أن رسول الله ÷ باع مدبراً في دين الذي دبره.
  فإذا ثبتت هذه الأخبار فلنا طريقان: أحدهما: ما بيناه مشروحاً في كتاب البيوع، وهو أن التدبير حق غير مستقر قبل الموت، فكانت حال التدبير قبل الموت حال الوصية بعد الموت. وأيضاً التدبير يوجب عتقاً من جهة القول يسري(٥) إلى الولد، فوجب ألا يجوز بيعه إلا لعجز ما؛ دليله المكاتب لما كان
(١) الأحكام (٢/ ٣٤١).
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٩٣).
(٣) في (ب): وحكي عن مالك أنه لا يباع.
(٤) في (أ، ب، ج): نعيم النحام.
(٥) في (أ، ج): سرى. وفي (ب): وكان يسري. وفي (د): ويسري.