باب القول فيما يقع من الطلاق وما لا يقع
  والأصل في أنها إن اختارت زوجها ولم تختر نفسها فليس بطلاق: ما روي عن رسول الله ÷ حين خير نساءه فاخترنه فلم يعده طلاقاً(١).
  واعتبرنا فيه قصد الزوج لأنه لما جاز أن يريد به التوكيل - لما نبينه بعد هذا الفصل - وجاز أن يريد به تمليكها الطلاق وجب الرجوع فيه إلى قصده كما قلنا في سائر الألفاظ المحتملة.
  وقلنا: إنه(٢) إن نوى بذلك توكليها كان لها أن تطلق نفسها ما لم يفسخ(٣) وكالتها، وأبى ذلك أبو حنيفة والشافعي.
  ووجه ذلك: أنه توكيل بالطلاق ممن يجوز له، ولمن يجوز أمره، فوجب أن يصح؛ دليله لو وكلها بطلاق غيرها أو وكل غيرها بطلاقها.
  فإن قيل: إن الطلاق حق لها فلا يجوز توكيلها فيه.
  قيل له: وما يمنع من ذلك إذا كانت هي السفير عن الزوج؟ على أن أبا حنيفة يجيز للولي أن يزوج الحرمة من نفسه وإن كان ذلك حقاً له، ويجيز(٤) للأب أن يشتري لنفسه من الولد الصغير، فكيف ينكر أن تطلق المرأة نفسها بتوكيل الزوج؟!
مسألة: [في أن طلاق المولى عن عبده لا يقع وأن بيع العبد لا يكون طلاقاً]
  قال: ولا يقع طلاق المولى عن العبد إلا بتوكيل العبد، ولا يكون بيع العبد ولا الأمة طلاقاً. قال القاسم #: ولا يكون إباق العبد طلاقاً. قال يحيى بن الحسين # في الأحكام(٥): لا يكون بيع الأمة طلاقاً، ولا تحل بالبيع لناكح حتى يطلقها زوجها. فكان ذلك نصاً فيما ذكرناه من أن بيع الأمة لا يكون
(١) أخرجه البخاري (٧/ ٤٣) ومسلم (٢/ ١١٠٤) عن عائشة.
(٢) في (ج): «قلنا إنه إن نوى ... إلخ». وفي (د): «قلنا إن نوى ... إلخ».
(٣) في (د): تنفسخ.
(٤) في (أ): ويجوز.
(٥) الأحكام (١/ ٣٨٩).