شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يقع من الطلاق وما لا يقع

صفحة 328 - الجزء 3

  والأصل في أنها إن اختارت زوجها ولم تختر نفسها فليس بطلاق: ما روي عن رسول الله ÷ حين خير نساءه فاخترنه فلم يعده طلاقاً⁣(⁣١).

  واعتبرنا فيه قصد الزوج لأنه لما جاز أن يريد به التوكيل - لما نبينه بعد هذا الفصل - وجاز أن يريد به تمليكها الطلاق وجب الرجوع فيه إلى قصده كما قلنا في سائر الألفاظ المحتملة.

  وقلنا: إنه⁣(⁣٢) إن نوى بذلك توكليها كان لها أن تطلق نفسها ما لم يفسخ⁣(⁣٣) وكالتها، وأبى ذلك أبو حنيفة والشافعي.

  ووجه ذلك: أنه توكيل بالطلاق ممن يجوز له، ولمن يجوز أمره، فوجب أن يصح؛ دليله لو وكلها بطلاق غيرها أو وكل غيرها بطلاقها.

  فإن قيل: إن الطلاق حق لها فلا يجوز توكيلها فيه.

  قيل له: وما يمنع من ذلك إذا كانت هي السفير عن الزوج؟ على أن أبا حنيفة يجيز للولي أن يزوج الحرمة من نفسه وإن كان ذلك حقاً له، ويجيز⁣(⁣٤) للأب أن يشتري لنفسه من الولد الصغير، فكيف ينكر أن تطلق المرأة نفسها بتوكيل الزوج؟!

مسألة: [في أن طلاق المولى عن عبده لا يقع وأن بيع العبد لا يكون طلاقاً]

  قال: ولا يقع طلاق المولى عن العبد إلا بتوكيل العبد، ولا يكون بيع العبد ولا الأمة طلاقاً. قال القاسم #: ولا يكون إباق العبد طلاقاً. قال يحيى بن الحسين # في الأحكام⁣(⁣٥): لا يكون بيع الأمة طلاقاً، ولا تحل بالبيع لناكح حتى يطلقها زوجها. فكان ذلك نصاً فيما ذكرناه من أن بيع الأمة لا يكون


(١) أخرجه البخاري (٧/ ٤٣) ومسلم (٢/ ١١٠٤) عن عائشة.

(٢) في (ج): «قلنا إنه إن نوى ... إلخ». وفي (د): «قلنا إن نوى ... إلخ».

(٣) في (د): تنفسخ.

(٤) في (أ): ويجوز.

(٥) الأحكام (١/ ٣٨٩).