شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في نفقة الزوجات

صفحة 443 - الجزء 3

  الحرة البالغة الممكنة من نفسها.

  فإن قيل: النفقة جعلت في مقابلة الاستمتاع، فإذا فقد الاستمتاع فلا نفقة.

  قيل له: ليس ذلك كذلك، بل النفقة جعلت في مقابلة بذل نفسها، فإذا حصل البذل وجبت.

  فأما إذا حبست نفسها على الوجه الذي ذكرنا فلا خلاف في أنها تكون ناشزة، وأن نفقتها تسقط.

  ووجه قولنا: إنها بحسب الإعسار واليسار قوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٖ مِّن سَعَتِهِۦۖ ...} الآية [الطلاق: ٧] وقوله سبحانه: {وَالذِينَ إِذَا أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يُقْتِرُواْ}⁣[الفرقان: ٦٧] وقد علمنا أن الغني يكون بالقليل مقتراً، والفقير بالتوسعة مسرفاً. والمقادير المذكورة في هذا الباب محمولة على أنها قدرت على حسب أحوال أقوام وعاداتهم.

فصل: [في عدم سقوط نفقة المرأة بمنعها نفسها طلباً لمهرها]

  قال أبو العباس الحسني |: المروي عن القاسم # أنها إن منعت نفسها لاقتضاء مهرها لم تسقط نفقتها، وبه قال أبو حنيفة.

  ووجهه: ما استدللنا به من الأثر والآية، وهي أيضاً غير ممتنعة بمعصية في عقد أوجب تسليم نفسها فوجب أن تجب نفقتها قياساً على المحرمة بإذنه أو المريضة. على أن امتناعها في الحقيقة في حكم امتناع الزوج؛ لأن الزوج يمكنه إزالة الامتناع بتوفير المهر، فيجري ذلك مجرى ألا تكون منه مطالبة بالكون عنده مع بذلها نفسها في أن النفقة تجب لها.

مسألة: [فيمن يطالب بنفقة الزوجة]

  قال: وللزوجة أن تطالب الزوج بالنفقة إن كانت كبيرة، ولوليها أن يطالب بالنفقة إذا كانت صغيرة.

  قد نبه في كتاب النفقة من المنتخب على ما ذكرناه في الكبيرة، وفي كتاب