شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

مسألة: [في أن الحد لا يسقط بتقادم عهد الجناية إذا وقعت في ولاية الإمام]

صفحة 161 - الجزء 5

  بيناه. وما روي أن عمر جعل ما لزمه للمجهضة على عاقلته فيجوز أن يكون رأياً رآه، ولا ننكر أن هذا مما للرأي والاجتهاد فيه مسرح وإن كان الأصح عندنا ما ذكرناه، ولعله فعل ذلك لأنه لم يكن في ذلك الوقت بيت مال.

  على أنا لو ألزمنا ذلك عاقلة الإمام لأدى إلى الإجحاف فيه⁣(⁣١)؛ لأنه يجوز أن يكثر ذلك؛ فإن من يباشر مثل الإمامة لم يبعد أن يكثر خطؤه؛ لأن كثرته بحسب كثرة الأعمال التي ينظر فيها، ولأدى ذلك إلى أن يكون الإمام يحتاج أن ينقبض عن إمضاء رأيه خشية أن يلحق غرم ذلك عواقله، وهذا يؤدي إلى الضرر بالمسلمين، فلا يجوز.

  على أن أفعال الإمام في هذا الباب كأنها تقع عن المسلمين؛ لأنها تقع لمصالحهم، فكأنها في الحكم أفعال جميعهم، فكان الأولى أن يكون ما يضمنه في بيت مالهم.

مسألة: [فيمن يقيم حد المملوك]

  قال: وإذا زنى المملوك كانت إقامة حده إلى الإمام، فإن لم يكن إمام جاز لمولاه أن يقيم عليه الحد⁣(⁣٢)، وليس لغير الإمام أن يقيم الحد على الحر أو مملوك غيره إلا بإذن الإمام.

  قال القاسم #: وذلك إلى الإمام. قال أبو حنيفة: لا يقيم إلا الإمام. وقال الشافعي: مولاه يقيم عليه الحد.

  قلنا: إنه إلى الإمام لأنه حق الله ø، والإمام منصوب لاستيفاء حقوق الله ø، فوجب أن يكون ذلك إليه، كما أن إقامة الحد على الحر إليه للعلة التي ذكرناها. فأما إذا لم يكن إمام فلمولاه أن يقيم عليه الحد؛ لقول النبي


(١) «فيه» ساقط من (هـ).

(٢) الأحكام (٢/ ١٦٤).