شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الحج عن الميت

صفحة 567 - الجزء 2

  فإذا ثبت بما بيناه أنه لا يلزم الورثة من الإرث وأنه لا يقع عن الميت إلا بالإيصاء ثبت أنه يخرج من الثلث؛ لأن ما لم يلزم الورثة إخراجه إلا بالوصية فلا خلاف في أنه من الثلث.

  فإن قيل: أليس المغمى عليه ينعقد عليه الإحرام بالغير ويقع عنه، فما أنكرتم مثله في الحج عن الميت؟

  قلنا: أنكرنا ذلك لأن الميت لا سعي له في الحج، والمغمي عليه إنما يجوز للغير أن يعقد عليه بالإحرام إذا كان قد خرج من بيته قاصداً للحج عازماً عليه وعلم ذلك من حاله، ألا ترى أن المغمي عليه في داره لا ينعقد عليه الإحرام؟ وكذلك نقول: إن الميت إن كان قد أوصى فإن الحج يقع عنه؛ لأنه قد حصل له فيه سعي ما، فلا يعترض على ما قلناه.

مسألة: [في صحة الإجارة في الحج]

  قال: وتصح الإجارة فيه تخريجاً على قوله فيمن مات وعليه اعتكاف: إنه يستأجر من يعتكف عنه.

  كنا خرجنا من الموضع الذي ذكرناه، ثم وجدنا الهادي إلى الحق # قد نص على ذلك في كتاب الفنون، فأغنى النص عن التخريج.

  وحكى أبو العباس الحسني ¦ قريباً من معناه عن القاسم #، وحكى نحوه عن محمد بن يحيى #.

  والدليل على ذلك: قوله ÷ لمن لبى عن شبرمة: «حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة»⁣(⁣١)، وقوله للخثمعية: «حجي عن أبيك»، ولم يستثن إلا أن يكون ذلك بأجرة، فكل من حج عن الغير يكون ممتثلاً للظاهر سواء حج بأجرة أو بغير أجرة.


(١) أخرجه في مجموع الإمام زيد بن علي # (١٦٧، ١٦٨) وأبو داود (٢/ ٢٧) والدارقطني في السنن (٣/ ٣١٢) والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٥٤٩).