باب القول في كيفية أخذ الزكاة
  من أذن لهم الإمام في تفريقها، فكما أن هؤلاء لا يؤخذون بالإعادة فكذلك من ذكرنا، والمعنى أنهم لم يكن عليهم مطالبة ولا ما يجري مجرى المطالبة من جهة الإمام في وقت وجوب الصدقة، فكل من كان كذلك وأخرج صدقته إلى مستحقيها من الفقراء لم تلزمه الإعادة، يكشف ذلك أن حق الإمام يثبت فيها بالمطالبة وما يجري مجراها. فأما إذا(١) تقدم الإيذان فالمطالبة بها قائمة، فإذا فرقوها على هذه الحالة يكون سبيلهم سبيل من امتنع من دفعها إلى الإمام وأعطاها الفقراء في أنهم يؤخذون بإعادتها؛ إذ التفرقة وقعت مع مطالبة الإمام بها، فهم في حكم من لم يخرجها أصلاً.
  ووجه ما ذكرناه من المطالبة بالبينة ما تقدم القول فيه في الاستحلاف.
مسألة: [في أن صاحب المال يفرق زكاته إذا لم يكن في الزمان إمام عادل]
  قال: وإذا لم يكن في الزمان إمام عادل فرق الزكوات أهلها على ما ذكره الله تعالى.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(٢).
  والوجه فيه قول الله تعالى: {وَأَقِيمُواْ اُ۬لصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ اُ۬لزَّكَوٰةَ}[البقرة: ٤٢]، ولأن تلك الحقوق عندهم للفقراء؛ لقول الله تعالى: {وَفِے أَمْوَٰلِهِمْ حَقّٞ لِّلسَّآئِلِ وَالْمَحْرُومِۖ ١٩}[الذاريات]، فإذا لم يكن من يستوفيها عليهم استوفوها على أنفسهم؛ إذ لا بد من الخروج من الحق، على أن المسألة وفاق، فلا وجه للإطالة فيها.
مسألة: [في تلف ما عينه صاحب المال زكاة قبل صرفه في مصرفه أو قبل وصولها إلى يد الإمام]
  قال: ولو أن من وجبت عليه الزكاة أخرجها من ماله وعزلها فهلكت قبل تفريقها في أهلها فعليه ضمانها.
  وكذلك إن أخرجها من بلد هو فيه إلى بلد الإمام فضاعت في الطريق فعليه
(١) في (ب، د): فإذا.
(٢) الأحكام (١/ ١٩٢)، والمنتخب (١٦٣).