باب القول في كيفية الدخول في الصوم
  قيل له: لسنا نسلم أن الإمساك المتجرد عن(١) النية صوم، والصوم اسم شرعي منقول عما كان عليه في اللغة، فليس يمكنهم التعلق بما ذكروه.
  فإن قيل: إن صوم شهر رمضان مستحق(٢) العين، فاكتفي باستحقاق عينه عن النية، كرد الوديعة والغصب.
  قيل له: لا يشتبه الأمران؛ لأن رد الوديعة يحصل وإن لم تكن معه النية، ولسنا نسلم أن الصوم يحصل بغير نية، فلا يمكن لهم رده إلى ما ذكروه؛ لأن الرد حاصل، والصوم غير حاصل. وكذلك الجواب إن سألوا عمن أعتق بغير نية، هذا إن سلمنا أن العتق يقع بغير نية.
المسألة الثانية: [أن فرض الصوم لا يؤدى بنية التطوع بل لا بد له من نية الفرض]
  الخلاف في هذه المسألة مع أبي حنيفة وأصحابه؛ لأن الشافعي يوافقنا على أن صوم رمضان لا يؤدى بنية التطوع.
  والدليل على ذلك قوله: «الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى»، فمن نوى التطوع لم يحصل له الفرض بهذا الظاهر.
  فإن قيل: فخبركم يقتضي أن(٣) يحصل له النفل.
  قيل له: قد منع منه دليل الإجماع، والخبر منع حصول الفرض، فلا يحصل له لا الفرض ولا النفل.
  وهو مقيس على قضائه، وعلى الكفارات؛ بعلة أنه صوم مفروض فلا يسقط فرضه بنية التطوع، أو يقال: إنه صوم مفروض فلا بد من تعيين النية فيه، أو لا بد من نية الفرض.
  ويقاس أيضاً على الصلاة المفروضة؛ بعلة أنها عبادة على البدن لا يتعلق
(١) في (ب، ج): من.
(٢) في (أ، د): يستحق.
(٣) في (ب، ج، د): أنه.