شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الأيمان

صفحة 81 - الجزء 5

مسألة: [فيمن حلف ألا يشتري لحماً فاشتري له]

  قال: وإن حلف ألا يشتري لحماً فاشتري له بأمره أو بغير أمره وكان الحالف ممن لا يشتري اللحم بنفسه حنث⁣(⁣١).

  قال الشافعي: لا يحنث ما لم يتول ذلك بنفسه، سواء كان ممن يفعل ذلك بنفسه أو بغيره.

  وإن كان ممن يشتري بنفسه كان الأمر فيه على ما نوى.

  وذلك أن من عادته ألا يشتري اللحم بنفسه فإن يمينه تناولت حصول الشراء؛ لأن قوله: اشتريت أو لم أشتر يوجب العرف أن يكون مراده حصول الشراء له، فمتى حصل الشراء له حنث، وإن اشتري له بغير أمره فلم يجز الشراء يجب ألا يحنث، ويحتمل أن يحنث أيضاً؛ لأن يمينه يحتمل أن تتناول أيضاً ألا يشترى له من جهة العرف، والأول هو الأصح. فأما إذا كان ممن يشتري بنفسه فإنه لا يحنث إن اشتري له؛ لأن عرفه ألا يقول: اشتريت إلا إذا تولى ذلك بنفسه، إلا أن يكون نوى ألا يحصل له الشراء فتلزمه نيته.

مسألة: [فيمن حلف ألا يشتري لأهله لحماً فأكلوا ما كان عنده من قبل الحلف]

  قال: وإن حلف ألا يشتري لأهله لحماً وعنده شاة اشتراها قبل اليمين فذبحها وأكل منها أهله، أو كان عنده لحم اشتراه قبل أن يحلف فأكلوا منه - لم يحنث إلا أن يكون نوى ألا يأكلوا لحماً⁣(⁣٢).

  وذلك أن ظاهر يمينه يتناول⁣(⁣٣) الشراء، فإذا لم يقع الشراء لم يحنث، إلا أن يكون نوى ألا يحصل لهم اللحم أو لا يطعمهم فإنه يحنث؛ لأنه لا يستحيل أن يريد ذلك بقوله: لا يشتري على سبيل المجاز، وقد بينا أن النية تعمل في اللفظ إذا جاز أن يتناول المنوي على سبيل المجاز وإن كان المجاز بعيداً بعد أن يكون محتملاً.


(١) المنتخب (٣٠١).

(٢) المنتخب (٣٠١).

(٣) في المخطوطات: تتناول.