شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في حد القاذف

صفحة 223 - الجزء 5

مسألة: [في أن حد القذف يتعدد بتعدد المقذوف]

  قال: ولو أنه قال لجماعة: «يا بني الزواني» لزمه لكل واحدة من أمهات المشتومين حد إن طالبن به، وإن كان بعضهن ميتة كان أولياؤها الطالبين بما يجب لها⁣(⁣١).

  قال أبو حنيفة: من قذف جماعة بكلمة واحدة فعليه حد واحد لجماعتهم. وهذا أحد قولي الشافعي، وله قول آخر أنه يحد بعدد المقذوفين مثل قولنا.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أن الله تعالى أوجب على كل من قذف محصنة حداً، فإذا قذف عدة من المحصنات لزمه لكل واحدة منهن حد، كما أنه تعالى لما أوجب الدية على كل من قتل مسلماً خطأ لو قتل عدة من المسلمين خطأ فعليه لكل واحد منهم دية؛ لأن الحد حق للمقذوفين وإن كان حقاً لله، فلا يجب أن يتداخل كما لا تتداخل سائر الحقوق؛ بعلة أنه حق للآدمي⁣(⁣٢)، يدل على ذلك أن له أن يعفو عنه وأن يطالبه⁣(⁣٣) كسائر الحقوق.

  فإن قيل: قول⁣(⁣٤) الله تعالى: {وَالذِينَ يَرْمُونَ اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ}⁣[النور: ٤] فكان الواجب بظاهر الآية على قاذف المحصنات ثمانين جلدة، فصح قولنا.

  قيل له: إنك تأملت شطر الآية ولم تتأمل كلها؛ لأن الله تعالى قال: {وَالذِينَ يَرْمُونَ} فجعل الرماة عدة، ثم قال: {اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ} فجعل المرميات عدة، ثم حقق أن⁣(⁣٥) الرماة عدة بقوله: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ} فجعلهم جمعاً، ثم قال: {فَاجْلِدُوهُمْ} فجعلهم جماعة، فبان أن الآية لم ترد في قاذف واحد، وأنها


(١) الأحكام (٢/ ١٧٥)، والمنتخب (٦٣٢).

(٢) في (هـ): لآدمي.

(٣) في (أ، ج): وأن له أن يطالبه.

(٤) كذا في المخطوطات.

(٥) «أن» ساقط من (أ، ب، ج، د).