باب القول في المهور
مسألة: [فيما يلزم من تزوج امرأة على مهر معلوم وأظهر لها فوق ذلك]
  قال: ولو أن رجلاً تزوج امرأة على مهر معلوم وأظهر لها فوق ذلك لزمه ما أظهر، إلا أن يقيم البينة على ما أسر، فإن لم يقم بينة فعلى المرأة اليمين.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١)، ومروي فيه عن القاسم #.
  ومعنى قولنا: إنه يلزمه ما أظهر: إنما هو في ظاهر الحكم، فأما فيما بينهما وبين الله تعالى فعليهما أن يتصادقا، والمهر هو مهر السر فيما بينهما وبين الله تعالى؛ لأن النكاح انعقد عليه، والزائد تسمية لا حكم له، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه.
  ووجهه: أن الذي أظهر من المهر قد ثبت، فإذا ادعى الزوج أن بعض الثابت لا حكم له وأنكرته المرأة صار الزوج مدعياً، والمرأة منكرة، فوجبت البينة على الزوج، واليمين على المرأة؛ لقوله ÷: «البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه(٢)».
  فإن قيل: ألستم قد قلتم في قيم المتلفات إذا اختلف فيها المتلف ورب الشيء: إن البينة على مدعي الأكثر، واليمين على المنكر، فكيف جعلتم البينة في هذه المسألة على الزوج وعلى(٣) أن المرأة هي التي تدعي الأكثر؟
  قيل له: ليس الاعتبار في هذا الباب بالقلة والكثرة، وإنما الاعتبار بالدعوى والإنكار، والمدعي هو الذي يدعي خلاف الظاهر، والمنكر هو المستصحب للظاهر، والبينة أبداً على المدعي، واليمين على المنكر(٤)، ألا ترى أن رجلاً لو أقر لرجل بألف درهم، ثم ادعى بعد ذلك أنه قد أبرأه المقر له من خمسمائة درهم كانت اليمين يمين المدعي للأكثر؛ لأنه هو المنكر في الحقيقة، وهو(٥) المستصحب لظاهر الإقرار؟ فكذلك في مسألتنا هذه.
(١) الأحكام (١/ ٣٢٢).
(٢) في (ج) ونسخة في (أ): على المنكر.
(*) أخرجه الترمذي (٣/ ١٩) والبيهقي في السنن الصغرى (٤/ ١٨٨).
(٣) كذا في المخطوطات.
(٤) في (د): على المدعى عليه.
(٥) «هو» ساقط من (أ).