باب القول في بيع الأجناس بعضها ببعض
مسألة: [في بيع اللحم بالحيوان]
  قال: ولا يجوز بيع اللحم من أي جنس كان بحيوان يؤكل لحمه(١).
  والأصل(٢) فيه: ما روي عن النبي ÷ أنه نهى عن بيع اللحم بالحيوان(٣).
  وكان القياس أن ذلك يجوز؛ لأن الحيوان لا يجري فيه تحريم التفاضل على ما مضى القول فيه؛ لأنه لا يحصل فيه وصفا علة(٤) الربا؛ ألا ترى أنه لا يتأتى فيه الكيل والوزن، بل لا يحصل فيه إلا الجنسية؟ فكان الواجب أن يحمل ذلك على المذبوح واللحم الذي من جنسه، كما كان يذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف، ثم روي أن جزوراً نحرت على عهد أبي بكر فجاء رجل بعناق فقال: أعطوني منه بهذا العناق، فقال أبو بكر: لا يصلح هذا، وقيل: ذلك عن ابن عباس أيضاً، ولا يجوز أن يكونا قالاه إلا نصاً؛ إذ النظر لا يقتضيه، على أنهما لو كانا قالا ذلك اجتهاداً فلا يعرف لهما مخالف في الصحابة، فجرى مجرى الإجماع، فلما ثبت ذلك حملنا قوله ÷ على ذلك، وقلنا: لا يجوز بيع اللحم من أي جنس كان بشيء من الحيوان الذي يؤكل لحمه - وبقينا ما لا يؤكل لحمه على القياس وقلنا بإجازته - لأنهما قالا: لا يصلح لحم الجزور بعناق، فكان فيه أن اللحم وإن كان من جنس مخالف لذلك الحيوان فإنه لا يجوز أن يشترى به إذا كان مما يؤكل لحمه.
  وما قلنا في هذا به قال الشافعي.
(١) الأحكام (٢/ ٤١) والمنتخب (٣٤٠).
(٢) في (أ، ب، ج، د): «الأصل» بدون واو.
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٤٨٣، ٤٨٤) والدارقطني في السنن (٤/ ٣٨).
(٤) في (ب): علتي.