شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية

صفحة 285 - الجزء 2

مسألة: [فيمن أفطر وهو شاك في غيبوبة الشمس ومن تسحر وهو شاك في طلوع الفجر]

  قال: ومن أفطر وهو شاك في غيبوبة الشمس فقد أفسد صومه، ويلزمه القضاء، إلا أن ينكشف له أن إفطاره كان بعد غيبوبة الشمس. ومن تسحَّر وهو شاك في طلوع الفجر لم يفسد صومه، إلا أن يتبين له أن تسحره كان بعد طلوع الفجر.

  قد نص في الأحكام⁣(⁣١) أن القضاء يلزم من أفطر ولم يتحقق غروب الشمس، وأن من تسحر وعنده أن الفجر لم يطلع ثم استبان له أن الفجر كان طلع وقت تسحره فعليه القضاء.

  وروى عن جده القاسم # أن من تسحر وهو شاك في طلوع الفجر فلا قضاء عليه، ما لم يعلم أن الفجر صادف تسحره.

  والأصل في ذلك: أن من أكل شاكاً في غروب الشمس فإن كان حصل له يقين بأنه نهار فاليقين لا يزول حكمه بالشك، ويكون سبيله سبيل من شك في انسلاخ شهر رمضان ودخول العيد في أن عليه أن يصوم حتى يتحقق ذلك، وإذا وجب عليه الصوم فأفطر يكون عليه القضاء، ولأنه أكل في وقت يلزمه الصوم فيه، فوجب أن يكون مفسداً للصوم، قياساً على من أكل قبل ذلك، وليس لأحد أن يقول: إنه لم يجب عليه في ذلك الوقت للشك؛ لأن الشك إذا طرأ على اليقين لم يزل حكم اليقين؛ ألا ترى أن المحدث إذا شك في الطهارة يكون محدثاً، والمتطهر إذا شك في الحدث يكون متطهراً؟ وكذلك القول في النكاح والطلاق والعتاق وغير ذلك، فوجب أن يكون كذلك حكم الشاك في غيبوبة الشمس.

  فإن بان له بعدما أكل أن الشمس كانت غابت حين أكل لم يفسد صومه؛ لأن سبيله سبيل من أفطر وهو شاك في العيد ثم بان له أنه أفطر يوم العيد في أنه لا


(١) الأحكام (١/ ٢٣١).