شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات

صفحة 525 - الجزء 2

  في الأداء يجري مجرى الكفارات؛ لأن الشافعي يجعله كفارة في التقدير واللزوم والأداء، وأبو حنيفة يجعله في حيز الكفارة أيضاً؛ لأنه يجوز فيه الهدي وإن اختلفت الرواية عنه في حكم الهدي، فلا معتبر بامتناع من يمتنع من إجراء سمة الكفارة عليه إذا جعل حكمه حكمها. على أنا وجدنا الأداء فيه في حكم أداء سائر الحقوق التي هي لله تعالى؛ فلذلك أجريناه مجرى الكفارات.

  وقلنا: إن المحرم إذا قتل صيداً في الحرم لا تسقط عنه القيمة لوجوب الجزاء - خلافاً لأبي حنيفة والشافعي، وموافقة لزيد بن علي @ - لأنا وجدنا جهتي وجوبهما مختلفتين على ما بيناه، فوجب أن تلزمه القيمة مع الجزاء قياساً على المحرم إذا قتل صيداً مملوكاً في أنه يلزمه القيمة مع الجزاء، وقياساً على من قتل عبداً لغيره في أنه يلزمه القيمة مع الكفارة، والعلة أنه اختلاف الوجهين ووجوبهما. ويقال لأبي حنيفة: قد اتفقنا أن القارن إذا قتل صيداً فعليه جزاءان، فكذلك إذا قتله المحرم في الحرم، والمعنى أنه هتك حرمتين. على أن أبا بكر حكى في شرح المناسك لمحمد عن أصحابهم أنهم قالوا: إن القياس يوجب⁣(⁣١) أن القيمة لا تسقط الجزاء، لكنهم أسقطوه استحساناً. على أنا وجدنا الأصل في حقوق الأموال لا تداخل فيها، وأن بعضها لا يسقط بعضاً، فكان ما ذهبنا إليه أولى، وفيه إيجاب واحتياط، فهو أولى.

  وقد مضى الكلام فيما يجب بالإفزاع.

مسألة: [في المفرد والقارن والحلال يشتركون في قتل صيد في الحرم]

  قال: ولو اشترك مفرد وقارن وحلال في قتل صيد في الحرم فعلى القارن جزاءان وقيمة الصيد، وعلى المفرد جزاء واحد والقيمة، وعلى الحلال القيمة.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣٢).


(١) في (أ، ج): أوجب.

(٢) الأحكام (١/ ٣٠٠) والمنتخب (١٩٢).