شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صدقة الفطر

صفحة 192 - الجزء 2

مسألة: [في أن القيمة لا تجزئ في الفطرة إلا لعذر]

  قال: ولا ينبغي أن تخرج زكاة الفطر إلا طعاماً فإن أعوزه أجزته القيمة.

  هذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣١).

  والوجه في ذلك أن النص ورد بالطعام، فلا يجوز مجاوزته إلا بدليل، ولا دليل، وكل ما دللنا على أن القيم في الزكوات لا تجزي فهو دليل في هذا الموضع، ويمكن أن تقاس زكاة الفطر على الأضحية في أنه لا خيار بينها وبين القيمة، والمعنى أنها قربة مال تختص العيد.

  وأجزنا القيمة إذا تعذر الطعام لأنه لا سبيل إلى سواها؛ ولأنه قال: «أغنوهم في هذا اليوم»، فلا بد من الإغناء، فإذا لم يمكن بالمنصوص عليه عدل عنه إلى ما يقوم مقامه، ليكون الإغناء قد حصل؛ ولأنا قد وجدنا في الأصول أن من لزمه حق يتجدد في المال متى لم يجد ذلك الشيء بعينه يلزمه ما يقوم مقامه، فوجب أن يكون ذلك حكم زكاة الفطر، وليس يلزم عليه الأضحية؛ لأن الأضحية غير واجبة عندنا، على أن الحق لم يتعلق في الأضحية بمجرد المال؛ لأنه يتعلق بإراقة الدم في الأضحية.

مسألة: [في تفريق فطرة واحد في جماعة]

  قال: ولا بأس بتفريق زكاة الواحد في الجماعة إذا اشتدت بهم الحاجة، وإلا فالمستحب أن يدفع إلى كل واحد من الفقراء ما يلزم الواحد.

  وهذا منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣٢).

  ووجهه: أن النبي ÷ أوجب إخراج صاع من الأشياء التي ذكرناها، ولم يشترط إخراجه إلى واحد ولا جماعة، فعلمنا أنه لا بأس أن يجعله في واحد إن شاء أو في جماعة على ما يراه أصلح للفقراء.


(١) الأحكام (١/ ٢٠٦)، والمنتخب (١٨١).

(٢) المنتخب (١٨١).