شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن يقتل حدا

صفحة 282 - الجزء 5

باب القول فيمن يقتل حداً

  من ارتد عن دين الإسلام لزمه القتل، رجلاً كان أو امرأة، بعد أن يستتاب، فإن تاب خلي سبيله، وإن أصر على الردة ضربت عنقه.

  أما الرجل إذا ارتد عن الإسلام فلا خلاف بين المسلمين في لزوم القتل له؛ لقوله ÷: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا في ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس»⁣(⁣١).

  فأما المرأة إذا ارتدت فقد اختلف فيها، قال الشافعي مثل قولنا: إنها تقتل، وقال أبو حنيفة ومحمد: لا تقتل، واختلفت الرواية عن أبي يوسف، وقال القاسم #: لا تقتل.

  والدليل على أنها تقتل: قوله ÷: «من بدل دينه فاقتلوه»⁣(⁣٢) و «من» للذكر والأنثى، فعمومه يوجب ما قلناه، وكذلك قوله: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث: كفر بعد إيمان ...» وذلك عام في الرجال والنساء وإن كان اللفظ لفظ التذكير، ألا ترى في قوله ÷: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه» استوى فيه الرجال والنساء، وكذلك قوله: «أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس» يشترك فيه الرجال والنساء؟ فكذلك قوله: «أو كفر بعد إيمان»، يبين أن «من» للرجال والنساء قوله ø: {مَنْ يَّأْتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ} و {وَمَنْ يَّقْنُتْ مِنكُنَّ لِلهِ وَرَسُولِهِۦ}⁣[الأحزاب: ٣٠].

  فإن قيل: قوله ÷: «من بدل دينه فاقتلوه» لا عموم له؛ لأن القتل لا يجب بالتبديل، ألا ترى أنه لو عاد إلى الإسلام لم يقتل، وأنه يجب القتل للمقام على الكفر والإصرار به؟

  قيل له: هذا غلط، يبين ذلك أن القتل يلزمه لكن التوبة تسقطه، كما يسقط ما


(١) أخرجه أبو داود (٣/ ١٧٤).

(٢) أخرجه البخاري (٤/ ٦١).