شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يوجب الكفارة

صفحة 116 - الجزء 5

  لأن الاستثناء لو جاز على التراخي لكان يقول ÷: ليستثن وليأت الذي هو خير إن شاء، والاستثناء يؤثر في الكلام للاتصال، ألا ترى أن جميع ما يؤثر كالشروط والإرادات والنيات لا يؤثر شيء منها بعد انقطاع كلامه؟ فكذلك الاستثناء.

مسألة: [في قول الرجل: حلفت في كذا أو عليّ يمين في كذا ولم يكن حلف]

  قال: ولو أن رجلاً قال: «حلفت في كذا» أو «علي يمين في كذا» ولم يكن حلف كان ما قاله كذباً، ولم يلزمه فيه شيء⁣(⁣١).

  ووجهه: أنه أخبر عن أمر، فإن كان ما قال على ما قال فهو صادق، وإن كان غيره فيجب أن يكون كذباً، ولا يجب أن تلزمه الكفارة؛ لأنه لم يعقد اليمين، وإنما أخبر أنه قد عقد، فيجري مجرى الإقرار بأمر لم يكن أنه⁣(⁣٢) لا شيء عليه فيما بينه وبين الله تعالى.

مسألة: [فيمن حلف مكرهاً]

  قال: ومن أكره على يمين فحلف لمكرهه لم يلزمه الحنث إلا أن يكون ظالماً في يمينه⁣(⁣٣).

  وهو قول القاسم وأحمد بن عيسى والناصر وكثير من أهل البيت $، وبه قال الشافعي.

  قال أبو حنيفة: تلزمه يمينه وإن كان مكرهاً. وقد استقصينا هذا في كتاب الطلاق، وأذكر ها هنا شيئاً منه على سبيل الاختصار.

  والدليل على ذلك قول الله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِے اِ۬لدِّينِۖ}⁣[البقرة: ٢٥٦] معناه: لا حكم له. وقال: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُۥ مُطْمَئِنُّۢ بِالْإِيمَٰنِ}⁣[النحل: ١٠٦] فلم


(١) الأحكام (٢/ ١٢٩).

(٢) في المطبوع: فثبت أنه.

(٣) الأحكام (٢/ ١٣٠) والمنتخب (٣١٥).