شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع

صفحة 45 - الجزء 4

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: نهيه ÷ عن بيع الغرر، وهذا بيع الغرر؛ لأنه يجوز أن يختلف حال ما لم يظهر اختلافاً زائداً على ما ظهر.

  ويدل على ذلك أيضاً نهيه ÷ عن بيع ما ليس عند الإنسان، وهذا مما لا يصح أن يقال: إنه عند الإنسان. وأيضاً روي عنه ÷ أنه نهى عن بيع المضامين⁣(⁣١)، وهو بيع ما يتضمنه الشيء خلقة، والعلة أنه بيع عين لم توجد. ولا خلاف أيضاً أنه إذا لم يظهر منه شيء لم يجز، فكذلك إذا ظهر بعضه؛ لهذه العلة.

  فإن قاسوه على منافع الأجرة كان تمكينه شاهداً لقياسنا؛ لأنها ليست أعياناً.

  وإن تعلقوا بقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اَ۬للَّهُ اُ۬لْبَيْعَ [وَحَرَّمَ اَ۬لرِّبَوٰاْۖ]⁣(⁣٢)}⁣[البقرة: ٢٧٤] كان ذلك مخصوصاً بما قدمناه.

  وليس لهم أن يقولوا: إن الضرورة تدعو إلى ذلك؛ إذ لا ضرورة تدعو إليه.

مسألة: [في أنه لا يجوز بيع الثمرة قبل صلاحها ولا بيعها سنين]

  قال: ولا يجوز بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها ويؤمن فسادها، ولا يجوز بيع شيء من ذلك سنين. قال: وقال القاسم #: وكذلك القول في ورق التوت.

  ما ذكرناه أولاً منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣٣)، وما حكيناه عن القاسم منصوص عليه في مسائل النيروسي.

  وروي نحو قولنا عن ابن أبي ليلى. وقال أبو حنيفة: هو جائز. وقال الشافعي: إن اشترطا القطع جاز، وإلا لم يجز. وقال زيد بن علي @: إذا اشترطا القطع جاز⁣(⁣٤).

  والأصل في ذلك: ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا علي بن معبد، قال: حدثنا روح بن عبادة، قال: حدثنا زكرياء بن إسحاق،


(١) أخرجه الطبراني في الكبير (١١/ ٢٣٠).

(٢) ما بين المعقوفين من (أ، هـ).

(٣) المنتخب (٣٣٢).

(٤) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٨٧).