شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في زكاة المواشي

صفحة 67 - الجزء 2

مسألة: [في أن الزكاة تؤخذ من عين ما وجبت فيه ولا تؤخذ القيمة]

  قال: ولا تؤخذ قيمة ما وجب من الزكاة، بل تؤخذ من عين ما وجبت فيه.

  وذلك منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١) والمنتخب وهو قول القاسم #.

  والحجة عليه قول الله تعالى: {أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ اَ۬لْأَرْضِۖ}⁣[البقرة: ٢٦٧]، و «مِنْ» توجب التبعيض، فاقتضى الظاهر إخراج بعض ما كسبنا وبعض ما أخرجت الأرض.

  وما روي عن النبي ÷ أنه قال: «في أربعين شاة شاة، وفي خمس من الإبل شاة، وفي خمس وعشرين من الإبل ابنة مخاض، وفي ثلاثين من البقر تبيع، وفيما سقت السماء العشر»، فاقتضت هذه الظواهر أن يكون المأخوذ من جملة المأخوذ منه، وكما أوجبت المقدار من المأخوذ منه والمأخوذ، فكما لا يجوز العدول عن المقدار فلا يجوز كذلك العدول عن المأخوذ إلى البدل.

  ويدل على ذلك قوله ÷: «في خمس وعشرين من الإبل ابنة مخاض، فإن لم يكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر»، فلم يجز العدول عن ابنة مخاض إلى ابن لبون إلا بشرط عدم ابنة مخاض، كما لا يجوز العدول عن الماء إلى التراب إلا بشرط عدمه، فدل ذلك على تعيين الوجوب في ابنة مخاض متى وجدت، كما وجب تعيين الوجوب على المتطهر في الماء متى وجده.

  ويدل على ذلك ما رواه أبو داود في السنن بإسناده، عن معاذ بن جبل، أن النبي ÷ بعثه إلى اليمن فقال: «خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقرة من البقر»⁣(⁣٢)، وهذا صريح ما نذهب إليه.

  فإن قيل: روي أن أبي بن كعب حين بعثه النبي ÷ مصدقاً أتى على رجل وجبت في إبله ابنة مخاض فأعطى ناقة سمينة، قال: فأبيت أن آخذها،


(١) الأحكام (١/ ١٥٩).

(٢) سنن أبي داود (١/ ٤٧٠).