شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في قضاء الصلوات

صفحة 621 - الجزء 1

  ويدل على ذلك: حديث أم سلمة رحمها الله قالت: إن النبي ÷ صلى في بيتي ركعتين بعد العصر، فقلت: ما هاتان الركعتان؟ فقال: «كنت أصليهما بعد الظهر، فجاءني مال فشغلني، فصليتهما الآن»⁣(⁣١).

  فدل ذلك على أن قضاء النوافل إذا فاتت مستحب، وأيضاً يجب أن يكون حكم قضائها حكم أصلها، فإذا كان أصلها مندوباً فكذلك قضاؤها، قياساً على الصلوات الواجبة إذا فاتت؛ لأن حكم قضائها حكم أصلها؛ ألا ترى أن أصلها لما كان واجباً كان قضاؤها واجباً؟ والعلة أنها صلاة مؤقتة.

مسألة: [في أن من دخل في نافلة ثم أفسدها لا يجب عليه قضاؤها]

  قال: وإذا دخل في النافلة ثم أفسدها لم يجب عليه قضاؤها.

  قد نص في كتاب الطهارة من الأحكام على أن من فسدت له صلاة نافلة لم يلزمه قضاؤها⁣(⁣٢)، ونص في كتاب الصوم منه على أن من صام تطوعاً ثم أفسد فلا قضاء عليه⁣(⁣٣). ورواه عن القاسم #.

  والوجه فيه: ما أخبرنا به أبو العباس الحسني | قال: أخبرنا أحمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن علي بن زهير القرشي، قال: حدثنا عفان بن يسار، عن حماد بن سلمة، عن سِماك بن حرب، عن هارون ابن بنت أم هانئ، عن أم هانئ، قال: قالت: دخل عليها رسول الله ÷ فاستسقى منها شراباً، ثم ناولها سؤره، فشربت، فقالت: يا رسول الله، إني كنت صائمة، ولكني كرهت أن أرد سؤرك، فقال ÷: «إن كان قضاءً من شهر رمضان فصومي يوماً مكانه، وإن كان تطوعاً فإن شئت فاقضي وإن شئت فلا تقضي».

  فصرح بسقوط القضاء عن المتطوع بالصوم إذا أفسده، فكذلك يجب أن


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٦٨٢) والطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٣٠٢).

(٢) الأحكام (١/ ٦٤).

(٣) الأحكام (١/ ٢٣٠).