باب القول فيما تجوز فيه الوصية وما لا تجوز
  وذلك مما لا خلاف فيه؛ لأن الصبي والمجنون تصرفهما في أموالهما غير جائز(١)، فكذلك الوصية؛ لأنها ضرب من التصرف. وأما المجنون الذي يفيق في بعض الأوقات فإن وصيته تصح في تلك الأوقات؛ لأن السبب المانع من جواز تصرفه هو الجنون، وقد(٢) زال بالإفاقة، فيجب أن تصح وصيته كما يجوز سائر تصرفه.
فصل: [في جواز وصية ابن العشر]
  قال يحيى في الأحكام(٣): كل من أوصى فوصيته جائزة إلا أن يكون صبياً لا يعقل، كابن خمس وست وسبع وما دون عشر سنين.
  فنبه به على أن ابن العشر تجوز وصيته، وبه قال مالك.
  ووجهه: أنه لا يمتنع أن يكون قد لزمه التكليف فيما بينه وبين الله تعالى إذا كان قد حسن تمييزه، فلا يجب(٤) أن نمنعه الانتفاع بماله في آخر عمره، ولو أبطلنا وصيته كنا منعناه ذلك، وقد قال ÷: «إن الله جعل الثلث في أموالكم زيادة في أعمالكم»(٥) فلا يجب(٦) أن يمنع منه المراهق المميز.
  فإن قيل: فلا تمنعوه سائر العقود.
  قيل له: لا ضرورة في ذلك؛ إذ غيره يقوم مقامه فيها، على أنا نجيز ذلك منه بإذن وليه.
  وهذا يكون إذا أحسن الوصية ووضعها موضعها، ويستدل على ذلك بقول الله ø: {فَمَنۢ بَدَّلَهُۥ بَعْدَ مَا سَمِعَهُۥ فَإِنَّمَا إِثْمُهُۥ عَلَي اَ۬لذِينَ يُبَدِّلُونَهُۥۖ}[البقرة: ١٨١]
(١) في (هـ): تصرفاتهما في أموالهما غير جائزة.
(٢) في (أ، ب، ج، د): فقد.
(٣) الأحكام (٢/ ٣٣٨).
(٤) في (هـ): فلا يجوز.
(٥) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٣٨٠) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٤٤١).
(٦) في (هـ): فلا يجوز.