شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما تجوز فيه الوصية وما لا تجوز

صفحة 445 - الجزء 5

  وذلك مما لا خلاف فيه؛ لأن الصبي والمجنون تصرفهما في أموالهما غير جائز⁣(⁣١)، فكذلك الوصية؛ لأنها ضرب من التصرف. وأما المجنون الذي يفيق في بعض الأوقات فإن وصيته تصح في تلك الأوقات؛ لأن السبب المانع من جواز تصرفه هو الجنون، وقد⁣(⁣٢) زال بالإفاقة، فيجب أن تصح وصيته كما يجوز سائر تصرفه.

فصل: [في جواز وصية ابن العشر]

  قال يحيى في الأحكام⁣(⁣٣): كل من أوصى فوصيته جائزة إلا أن يكون صبياً لا يعقل، كابن خمس وست وسبع وما دون عشر سنين.

  فنبه به على أن ابن العشر تجوز وصيته، وبه قال مالك.

  ووجهه: أنه لا يمتنع أن يكون قد لزمه التكليف فيما بينه وبين الله تعالى إذا كان قد حسن تمييزه، فلا يجب⁣(⁣٤) أن نمنعه الانتفاع بماله في آخر عمره، ولو أبطلنا وصيته كنا منعناه ذلك، وقد قال ÷: «إن الله جعل الثلث في أموالكم زيادة في أعمالكم»⁣(⁣٥) فلا يجب⁣(⁣٦) أن يمنع منه المراهق المميز.

  فإن قيل: فلا تمنعوه سائر العقود.

  قيل له: لا ضرورة في ذلك؛ إذ غيره يقوم مقامه فيها، على أنا نجيز ذلك منه بإذن وليه.

  وهذا يكون إذا أحسن الوصية ووضعها موضعها، ويستدل على ذلك بقول الله ø: {فَمَنۢ بَدَّلَهُۥ بَعْدَ مَا سَمِعَهُۥ فَإِنَّمَا إِثْمُهُۥ عَلَي اَ۬لذِينَ يُبَدِّلُونَهُۥۖ}⁣[البقرة: ١٨١]


(١) في (هـ): تصرفاتهما في أموالهما غير جائزة.

(٢) في (أ، ب، ج، د): فقد.

(٣) الأحكام (٢/ ٣٣٨).

(٤) في (هـ): فلا يجوز.

(٥) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٣٨٠) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٤٤١).

(٦) في (هـ): فلا يجوز.