باب القول في الدخول في الحج والعمرة
  ومعتمرٍ في ركب عزة لم يكن ... يريد اعتمار البيت إلا اعتمارها
  فإذا ثبت أنهما في أصل اللغة عبارتان عن أصل واحد فأيهما أطلقت أفادت ما تقارنها النية وعقدته، كما أنه لو لبى بحجة ناوياً لها لزمته، وكذلك لو لبى بعمرة ناوياً لها لزمته.
مسألة: [فيمن أهل بحجتين أو عمرتين ذاكراً لهما]
  قال: ولو أنه أهل بحجتين معاً ذاكراً لهما وعقد عليهما كان عليه أن يمضي في إحداهما، ويرفض الثانية إلى السنة المقبلة، ووجب عليه لرفضها دم، وعليه أن يؤدي ما كان رفضه في السنة المقبلة، وكذلك لو أهل بعمرتين معاً وعقد عليهما لزمه المضي في إحداهما ورفض الأخرى، ووجب عليه لرفضها دم، وقضى التي رفضها.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١).
  والدليل على ذلك قول الله تعالى: {يَٰأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِۖ ١}[المائدة]، وهذا قد عقد على نفسه حجتين، فيلزمه الوفاء بهما حسب الإمكان.
  فإن قيل: لسنا نسلم أنه عقد حجتين.
  قيل له: ليس عقدهما بأكثر من أن يحرم ناوياً لهما مهِلاً بهما، وهذا مما لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في انعقادهما، وإذا ثبت أن العقد قد حصل من جهته لزمه الوفاء بظاهر الآية.
  ويدل على ذلك قوله ÷: «وإنما لامرئٍ ما نوى»، وهذا قد نوى حجتين، فيجب أن يكون له حجتان. وأيضاً لا خلاف أنه يصح أن يعقد على نفسه الإحرام بحجة وعمرة معاً، فوجب أن يصح منه أن يعقد الإحرام بحجتين، والمعنى أن كل واحدة منهما عبادة تشتمل على الطواف، فوجب أن
(١) الأحكام (١/ ٢٨٣).