شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية أخذ الزكاة

صفحة 161 - الجزء 2

  وقلنا: «إن المتولي إذا قبضها وأودعها صاحب المال فتلفت لم يضمنها صاحب المال» لأن المتولي إذا استوفاها وقبضها من صاحب المال خرجت عن ملك المزكي، فإذا أعادها في يده على سبيل الوديعة يكون سبيلها سبيل سائر الودائع في أن المودع لا يضمنها إذا تلفت.

  وقلنا: إن المصدق إذا أمره بعزلها من ماله فعزلها فتلفت ضمن صاحب المال لأن القبض لم يصل بعد، فهي في حكم سائر أمواله، على ما بيناه في صدر المسألة، فعليه إذا تلفت ضمانها.

  فإن قيل: أليس يحيى بن الحسين # قال في بعض مسائل البيوع: إن الإنسان يصح أن يقبض الشيء من نفسه لغيره؟ فكيف تقولون: إن القبض هاهنا لم يصح؟

  قيل له: قد أشار هو إلى ما ذكرت في بعض المسائل، إلا أن حكم هذا الموضع مخالف لذلك، وذلك أن الوكيل ليس له أن يوكل إلا بإذن الموكل، وإذا كان الأمر على ما ذكرنا لم يصح توكيل المصدق رب المال بالقبض، فيجب ألا يصح قبضه، وإذا لم يصح قبضه كان الأمر على ما قلناه، وعلى هذا القول ليس يبعد أن نقول: إن الإمام لو أمر صاحب المال بعزل صدقته عن ماله فعزلها فتلفت لم يضمنها؛ لأن التوكيل بالقبض إذ ذاك يكون صحيحاً، وكذلك لو كان الإمام أذن للوكيل في التوكيل، وذلك كله إذا قلنا: إن الإنسان يصح قبضه من نفسه لغيره، فأما إذا لم نقل بذلك فيجب أن يكون صاحب المال ضامناً لها وإن عزلها بإذن المتولي، ما لم يخرجها عن يده إلى الفقراء أو المتولي.

مسألة: [فيما يأخذ المصدق إذا جاء وقد باع صاحب الغلة غلته كلها]

  قال: ولو أن مصدقاً جاء إلى من وجب عليه العشر فوجده قد باع غلته كلها أخذ العشر من المشتري، ورجع المشتري على البائع بثمن العشر الذي أخذ منه، وإن كان المشتري قد استهلكه أخذ المصدق من البائع قيمته.