شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في أدب القاضي

صفحة 130 - الجزء 6

  وعن أبي سعيد الخدري فيما رواه الجصاص قال: قال رسول الله ÷: «لا يقضي القاضي إلا وهو شبعان ريان»⁣(⁣١).

  فدل ذلك على أن كل ما يشغله عما هو فيه من التأذي بالبول والنعاس والشبع المفرط يجب أن يكون مجانباً له في حال الحكم، وعلى هذا إن كان حضور العلماء يورثه الضجر واشتغال القلب نحاهم عن نفسه، وإن كان ذلك لا يشغله فالأولى أن يحضروه لينبهوه على ما يجب تنبيهه عليه من هفوة أو زلة. وكذلك يجلس للحكم ما لم يلحقه الضجر الشاغل له ولفكره، ويتخير له أوقاتاً يعلم أن ذرعه⁣(⁣٢) فيها يكون أخلى. ولأن جميع ذلك مما يبلد الخاطر، ويفسد الفهم، ويمنع عن شدة التمييز، ويختلط عليه الأمر، ويلتبس الحق بالباطل، فلذلك وجب على القاضي⁣(⁣٣) أن يتوقى في حال قضائه كل ما يوجب شغل الفكر واختلاط الأمر.

مسألة: [في قبول القاضي للهدايا من الناس]

  قال: ولا يجوز له أن يقبل الهدايا من الناس، فإن قبل كان لبيت مال المسلمين⁣(⁣٤).

  وهذا قد بينا ما ورد فيه في كتاب الزكاة من الآثار؛ ولأنه متهم⁣(⁣٥)، وجار مجرى الرشوة، وعن علي # من طريق زيد أن النبي ÷ قال له: «يا علي، لا تقبلن هدية مخاصم، ولا تضيفه⁣(⁣٦) دون خصمه»⁣(⁣٧) وروي: «هدايا الأمراء غلول»⁣(⁣٨).


(١) شرح مختصر الطحاوي (٨/ ٩) وأخرجه الدارقطني في السنن (٥/ ٣٦٧).

(٢) في (هـ): روعه.

(٣) في المخطوطات: وجب للقاضي. والمثبت من شرح القاضي زيد.

(٤) قال في التحرير (٥١١): على أصل يحيى #. قال في شرح القاضي زيد: وقد نص على منع عامل الصدقات من قبول الهدايا من أهلها.

(٥) كذا في المخطوطات.

(٦) في (هـ): ولا تضفه.

(٧) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٤).

(٨) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٣٣).