شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن تجب له الشفعة وكيفية وجوبها

صفحة 243 - الجزء 4

  أبي حنيفة وأصحابه في الشرب والطريق فإنهم يسوون بينهما، ونحن نقدم الشرب على الطريق.

  والوجه أن الشرب يجمع حقين: حق الماء، وحق المجرى، فهو أوكد من الطريق الذي ليس فيه إلا حق الاستطراق. [وأيضاً موضوع الشفعة على الاختصاص، ألا ترى أنه]⁣(⁣١) لا خلاف أنه لا شفعة للجار مع الشريك في الأصل لأنه أخص بالمبيع [والشريك في الشرب أخص بالمبيع] بدلالة أن من كان له حق في الطريق فله أن يفتح من داره تلك إلى الطريق من الأبواب ما شاء، وليس كذلك من كانت لأرضه فوهة إلى نهر أنه ليس له أن يفتح إليه فوهة أخرى، فبان أن التخصيص في الشرب أوكد، فوجب أن يكون الشريك⁣(⁣٢) فيه مقدماً على الشريك⁣(⁣٣) في الطريق. وأيضاً⁣(⁣٤) فتأذي شركة الشرب أشد من تأذي شركة الطريق، فوجب أن يكون ذلك أولى، فلهذا قدم الشريك في الأصل.

مسألة: [في الشفعة بالجوار]

  قولنا وقول أبي حنيفة وأصحابه في الشفعة بالجوار واحد.

  والخلاف فيه بيننا وبين ابن أبي ليلى والشافعي والإمامية، حكى الكرخي أن ابن أبي ليلى كان يقول في ذلك مثل قول أبي حنيفة ثم رجع عنه.

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه في ذلك الأخبار المشهورة، منها:

  حديث عطاء عن جابر قال: قال رسول الله ÷: «الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائباً، إذا كان طريقهما واحداً»⁣(⁣٥).


(١) ما بين المعقوفين ساط من (أ، ج).

(٢) في (أ، ب، ج): الشفيع. وفي نسخة في (ب): الشريك. وفي (هـ): أن يكون الشفيع الشريك فيه مقدماً على الشفيع الشريك.

(٣) في (أ، ب، ج): الشفيع. وفي نسخة في (ب): الشريك.

(٤) «وأيضاً» ساقط من (أ، ب، ج، هـ).

(٥) أخرجه في أمالي أحمد بن عيسى (٣/ ١٧١) وأبو داود (٢/ ٤٩٣) وابن ماجه (٢/ ٨٣٣).