شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في حد السارق

صفحة 261 - الجزء 5

مسألة: [فيمن دخل الحرز ومعه صبي أو مجنون فأخذ المتاع ودفعه إلى الصبي أو المجنون فأخرجه من الحرز]

  قال: ولو أن سارقاً دخل الدار ومعه صبي أو مجنون وأخذ المتاع ودفعه إلى الصبي أو المجنون فأخذه وأخرجه من الحرز، ثم تناول منه المتاع خارج الدار وحمله - فلا قطع على واحد منهما⁣(⁣١).

  وذلك أن المخرج للمتاع من الحرز هو المجنون أو الصبي، وهما لا قطع عليهما؛ لأن القطع عقاب، ولا خلاف أنه لا يلزم من لم يبلغ أو لم يعقل، والسارق لم يخرجه من الحرز؛ فلذلك قلنا: إنه لا قطع على واحد منهما.

مسألة: [فيمن أخرج المتاع من الحرز ثم رده]

  قال: وإذا أخذ السارق وقد تناول المتاع ولم يخرجه من الحرز فلا قطع عليه، وإن أخرجه ثم رده إلى الحرز فعليه القطع⁣(⁣٢).

  قال أبو حنيفة: إذا رده لم يقطع.

  والذي يدل على ما قلناه قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}⁣[المائدة: ٣٨] وهذا سارق، فوجب أن يقطع. وأيضاً قد ثبت فيمن شرب خمراً ثم قاءها، أو غصب جارية ثم زنى بها ثم ردها على مالكها - أنه لا يسقط عنهما الحد، كانت العلة فيه أن كل ما فعل بعد ذلك لم يخرج الجناية من أن تكون قد وقعت، كذلك من سرق شيئاً ثم رده لم يسقط عنه القطع؛ لأن رده لم يخرج الجناية عن أن تكون قد وقعت. والأصول كلها شاهدة لنا؛ لأن الجناية التي تقع ما يحصل بعدها لا يغير حكمها ما لم يكن ذلك توبة إلى الله ø.

  فإن قيل: فما تقولون فيمن قذف رجلاً فأقر المقذوف عليه، أليس يسقط عنه الحد؟


(١) الأحكام (٢/ ١٨٧).

(٢) الأحكام (٢/ ١٨٦، ١٨٨) والمنتخب (٦١٩، ٦٢٠).