شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الظهار

صفحة 383 - الجزء 3

  وقوله في الأحكام بعد ذكر الكفارات الثلاث: «ثم تحل له امرأته بعد ذلك» يدل على أنه يوجب تقديم الإطعام كما يوجب تقديم العتق والصيام، وهو قول أكثر الفقهاء.

  وحكى ابن أبي هريرة في التعليق عن قوم أنهم ذهبوا إلى أنه يجوز الوطء قبل الإطعام؛ لأن الله تعالى لم يشترط في الإطعام أن يكون قبل المسيس كما اشترط في العتق والصيام. وهذا غير صحيح؛ وذلك أنه قد ثبت أن الكفارة إنما وجبت لرفع التحريم الواقع بالظهار، فالتحريم حاصل حتى تحصل الكفارة إطعاماً كانت أو غيره. على أنه لا خلاف في وجوب تقديم العتق والصيام على الوطء، فكذلك تقديم الإطعام، والعلة أنها كفارة الظهار فيجب تقديمها على الوطء.

فصل: [في تحريم الوطء وتوابعه قبل الكفارة]

  قال في الأحكام: «فإن لم يجد رقبة صام شهرين متتابعين من قبل أن يدنو منها أو يكون منه جماع»، فدل ذلك على [أنه يرى] تحريم المباشرة والتلذذ بها قبل الكفارة كما يرى تحريم الوطء؛ لأنه فصل بين المداناة والجماع، فبان أن التحريم تناول غير الجماع. وبه قال أبو حنيفة.

  قال أبو علي بن أبي هريرة: اختلف أصحاب الشافعي فيه، فمنهم من قال: إنه على قولين، ومنهم من قال: قول واحد في الاستحباب دون الإيجاب.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أن تحريم الظهار تحريم حصل بقول من الزوج يمكنه رفعه، فوجب أن يحرم به الوطء وتوابعه؛ دليله تحريم الطلاق الرجعي. وليس يجب أن يكون حاله حال التحريم المتعلق بالحيض أو الصوم؛ لأنه لا يتعلق بقول من الزوج.

  يؤكد ذلك: أنه لما شبهها بالأم وجب أن يحرم عليه وطؤها كما حرم عليه وطء الأم، فوجب قياساً على ذلك أن يحرم عليه التلذذ بها كما حرم عليه التلذذ بالأم.

  ويمكن تحرير العلة فيه بأن يقال: هو تلذذ لا يستباح إلا بعقد النكاح أو ملك اليمين.