شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادات

صفحة 271 - الجزء 6

مسألة: [في شهادة الإنسان على من قال له: لا تشهد علي بما تسمع مني]

  قال: ولو أن رجلاً قال لإنسان: لا تشهد علي بما تسمع مني ثم جرى في كلامه إقرار بحق لإنسان جاز له أن يشهد عليه⁣(⁣١).

  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه؛ لأنهم يجيزون شهادة المختبئ، وهذا في معناه، وعن مالك أنه أجاز ذلك⁣(⁣٢) في القذف والطلاق، وحكي عنه منع ذلك⁣(⁣٣) في المعاملات ونحوها، وعن ابن شبرمة أنه لم يجوز ذلك.

  والأصل في ذلك قول الله ø: {إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَۖ ٨٦}⁣[الزخرف]، وقوله: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا}⁣[يوسف: ٨١]، فكل من علم شيئاً جاز له أن يشهد به ما لم يمنع منه مانع.

  وروي عن النبي ÷ أنه قال: «إن علمت مثل هذه الشمس فاشهد، وإلا فلا»، فأمر بالشهادة متى علم، ومن سمع الإقرار علمه، فله أن يشهد به، ولا يؤثر فيه [ترك]⁣(⁣٤) الإشهاد وقول المقر: لا تشهد.

  فإن قيل: روي عنه ÷ [أنه قال: «خير أمتي القرن الذي⁣(⁣٥) بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم]⁣(⁣٦) يجيء قوم يشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يوفون»⁣(⁣٧).

  قيل له: يحتمل أن يكون المراد أنهم يشهدون من غير أن يعلموا، ويحتمل أنهم لا يستشهدون لظهور جرحهم وفسقهم، فيكون الذم حاصلاً بقوله: «ولا


(١) المنتخب (٥١٩).

(٢) «ذلك» ساقط من (ب، د، هـ).

(٣) في (ب، د): وحكي عنه أنه منع من ذلك. وفي (هـ): أنه منع ذلك.

(٤) ما بين المعقوفين من شرح القاضي زيد.

(٥) في (هـ): الذين.

(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).

(٧) أخرجه البخاري (٥/ ٣) ومسلم (٤/ ١٩٦٢، ١٩٦٣، ١٩٦٤).