باب القول في الأطعمة
  خبر الشاهد واليمين إلى الآية. وأيضاً هي ذات أربع تعدو على الحيوان لتأكله، فوجب أن تكون محرمة؛ دليله الأسد. والثعلب هو مقيس على ذلك بهذه العلة.
  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْۖ}[المائدة: ٣]، فأباح ذلك إذا حللنا، فهو عام في الضبع وغيره.
  قيل له: ليس ذلك هو موضع الخلاف؛ لأنا نجيز اصطياده، وإنما نحرم أكله، كالأسد والنمر والذئب.
مسألة: [في تحريم لحم الخيل والبغال والحمير الأهلية]
  قال: ولا يجوز أكل لحوم الخيل والبغال والحمير(١).
  وبه قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي.
  وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي: يجوز أكل لحوم الخيل.
  والأصل فيه: ما بينا أن الأصل في الحيوان أن أكله حرام محظور حتى تقوم دلالة الإباحة على ما تقدم بيانه، ثم الحديث المشهور عن خالد بن الوليد أن رسول الله ÷ نهى عن لحوم الخيل والبغال والحمير(٢)، وذكر تحريم ذلك عن ابن عباس، وأنه يستدل على ذلك بقوله ø: {وَالْأَنْعَٰمَ خَلَقَهَاۖ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٞ وَمَنَٰفِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَۖ ٥} الآية، ثم قال: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةٗۖ}(٣) [النحل: ٨]، فلما عد سبحانه النعم التي في الأنعام ذكر الأكل، ولما عد النعم التي في الخيل والبغال والحمير ذكر الركوب والزينة ولم يذكر الأكل، فلو جاز أكلها لذكر الأكل؛ لأن جواز الأكل من عظيم النعم، فلا يجوز أن يترك ذكرها(٤) مع ذكر سائر النعم، فدل ذلك على أنها لا تؤكل كالبغال والحمير.
(١) المنتخب (٢٢٨).
(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٥٥٨) وابن ماجه (٢/ ١٠٦٦).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٥/ ١٢١).
(٤) كذا في المخطوطات.