شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المهور

صفحة 133 - الجزء 3

باب القول في المهور

  المهر ما تراضى عليه الزوج والزوجة.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١). والمراد به إذا كان كل واحد منهما بالغاً رشيداً. وهو قول أبي يوسف ومحمد والشافعي. قال أبو حنيفة: إن كانت رضيت بدون مهر مثلها فللأولياء أن يمنعوا ذلك.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أن المهر حق للمرأة يصح منها الانفراد باستيفائه وبإسقاطه؛ فوجب ألا يعتبر فيه سخط الأولياء ولا رضاهم؛ دليله سائر حقوقها من البيع والإجازة والشفعة وغيرها مما يجري مجراها.

  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «أدوا العلائق» قيل: وما العلائق؟ قال: «ما تراضى به الأهلون»⁣(⁣٢).

  قيل له: الأهلون الزوج والزوجة بالدلالة التي مضت.

  فإن قيل: فإن الأولياء تلحقهم غضاضة بتقصيرها في المهر كما تلحقهم في وضعها نفسها في غير كفء، فوجب أن يكون لهم المنع منه كما كان لهم المنع من وضعها نفسها في غير كفء.

  قيل له: لسنا نسلم أن التقصير في المهر فيه⁣(⁣٣) غضاضة حتى يقال: إنها تلحق الأولياء، يكشف ذلك أنها لو أبرأت زوجها من جميع مهرها بعد استحقاقها إياه لم يكن فيه غضاضة، بل ذلك منها تفضل وإحسان، فكذلك إذا رضيت في الابتداء بدون مهر مثلها بعد استحقاقها إياه لم يكن فيه غضاضة، بل تفضل وإحسان.

  ومما يكشف ذلك: ما رواه أبو داود في السنن بإسناده عن عمر أنه قال: ألا لا تغالوا بصدُق النساء؛ فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله تعالى كان


(١) الأحكام (١/ ٣١٦).

(٢) أخرج نحوه محمد بن منصور في أمالي أحمد بن عيسى (٣/ ٥٦) والدارقطني (٤/ ٣٥٧).

(٣) «فيه» ساقط من (أ، ج).