باب القول في الدخول في الحج والعمرة
  كل واحد منهما تطوعٌ يمنع الزوج عن استيفاء حقه منها، وأيضاً لو لم يجز منعها من الإحرام لجاز أن تستديم الإحرام حاجَّة أو معتمرة، وذلك يؤدي إلى إبطال حقه رأساً، فإذا ثبت كان له أن يَحُلَّ إحرامها وينقضه؛ لأنا لو لم نقل ذلك عاد الأمر إلى ألا يمكنه استيفاء حقه منها، فعلى هذا يجب أن يكون ما ذكرناه من اعتزالها استحباباً إلى أن تنحر البدنة؛ لما روي أن النبي ÷ كان لما بعث ببدنته من المدينة كف عما يكف عنه المحرم. وأما إن لم يبعث ببدنة(١) وأمر أن تشترى هناك وتنحر فلا وجه لهذا الاستحباب.
  وقلنا: إن الزوج ينحر عنها لأن إفساد الحج تعلق به ووقع من جهته، فوجب أن يضمن(٢) ما لزمها من ذلك.
  فإن قيل: فأنتم لا توجبون على السيد أن ينحر عن عبده إذا نقض إحرامه.
  قيل له: لأن العبد متعدٍ في إحرامه بغير إذن سيده.
  فإن قيل: إن الزوج استوفى حقه بنقض إحرامها، فوجب ألا يلزمه ضمان الدم.
  قيل له: والمحصر أيضاً يستوفي حقه بالإحلال، وذلك لا يمنعه من لزوم الدم، ألا ترى أنه يستوفي حقه بالبرء إن كان مريضاً، أو بالتماس الأمن إن كان خائفاً من عدو، ومع ذلك يلزمه الدم، فكذلك لا يمتنع أن يلزم الزوج الدم بنقض إحرامها وإن كان مستوفياً حقه بذلك.
مسألة: [في المرأة تحرم بحجة الإسلام بغير إذن زوجها]
  قال: فإن كان إحرامها بحجة الإسلام فلا ينبغي له أن يمنعها إلا لعلة قاطعة لها(٣)، أو لمن يكون محرماً لها من ولده أو غيره، فإنه يمنعها ويهدي عنها.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٤).
(١) في (أ، ب، ج): بدنة.
(٢) في (أ، ج): يتضمن.
(٣) لفظ الأحكام: إلا من علة قاطعة له عن السفر بها.
(٤) الأحكام (١/ ٣٠٨).