باب القول فيما يصح أو يفسد من النكاح
فصل: [في أنه لا عدة من الزنا]
  قال في المنتخب(١): والعدة لا تكون إلا لزوجة حلال نكاحُها.
  فدل ذلك على ألا عدة عنده من الزنا، وأن يستوي الحائل والحامل عنده في جواز العقد عليها، وهو قول أبي حنيفة ومحمد والشافعي، وقال مالك: لا يجوز نكاحها حتى تعتد. قال أبو يوسف: يجوز النكاح، إلا أن تكون حاملاً فإنه لا يجوز حتى تضع حملها.
  ودليلنا قوله تعالى: {وَأَحَلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمْ}[النساء: ٢٤] وقوله سبحانه: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ اَ۬لنِّسَآءِ}[النساء: ٣] فعم ولم يخص، ويدل عليه قوله #: «الحرام لا يحرم الحلال».
  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَلَا تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ اَ۬لنِّكَاحِ حَتَّيٰ يَبْلُغَ اَ۬لْكِتَٰبُ أَجَلَهُۥۖ}[البقرة: ٢٣٥] وقال(٢): {وَأُوْلَٰتُ اُ۬لْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَّضَعْنَ حَمْلَهُنَّۖ}[الطلاق: ٤].
  قيل له: الآية الثانية واردة في المطلقات واللواتي في حكمهن؛ لأنه سبحانه قال بعد ذلك: {۞أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّنْ وُّجْدِكُمْ}[الطلاق: ٦] فبين سبحانه أحكام المطلقات وما يلزمهن ويلزم لهن، وليس فيها حكم التي زنت، ولا حكم التي حملت من الزنا. على أن الآية تضمنت ذكر مقدار الأجل ولم تتضمن إثبات الأجل، والخلاف وقع في ثبوت الأجل، وعندنا أنه لا أجل لهن.
  فإن قيل: روي عنه ÷ أنه قال: «لا تسق بمائك زرع غيرك»(٣).
  قيل له: هذا كلام في الوطء، وكلامنا إنما هو في العقد، على أنه ليس زرع(٤)
(١) المنتخب (٢٣٨).
(٢) في (د): ثم قال.
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٦٤).
(٤) كذا في المخطوطات.