شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية

صفحة 297 - الجزء 2

مسألة: [في الصائمة إذا جومعت وهي نائمة فعلمت وطاوعت وحكمها إذا لم تعلم أو لم تطاوع]

  ولو أن صائمة جومعت وهي نائمة فعلمت وطاوعت فسد صومها، ولزمها القضاء، [وإن لم تعلم حتى جومعت فلا قضاء عليها⁣(⁣١)] وكذلك القول في المجنونة.

  وهذا منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣٢)، وهو قول الشافعي، وحكي عن زفر.

  وقال أبو حنيفة: يفسد صومها.

  أما إذا علمت وطاوعت فلا خلاف في فساد صومها، فأما إذا لم تعلم ولم يحصل منها مطاوعة فالذي يدل على أن صومها لا يفسد: أنها قد أمسكت على ما أمرت، فلم يجب أن يفسد صومها، قياساً عليها لو احتلمت، والمعنى أنها اجتنبت بغير اختيار منها.

  ويقاس على الذباب إذا دخل الحلق وصار إلى الجوف في أنه لا يفسد الصوم، والمعنى أنه أمر للاختيار فيه مسرح، فوجب ألا يفسد الصوم؛ بعلة أنه ليس باختيار من الصائم له أو لسببه.

  فإن قيل: الجماع ينافي الصوم، فوجب أن يستوي حصوله باختيار أو بغير اختيار في أنه فيفسد الصوم.

  قيل له: لا نسلم أن الجماع ينافي الصوم، وهو الأمر الذي اختلفنا فيه، وعلى هذا لو جومعت مكرهة من غير أن كانت منها مطاوعة أو تمكين لم يفسد صومها، وكذلك إن أوجرت الطعام مكرهة لم يجب أن يفسد صومها، فإن أكرهت حتى طاوعته اتقاء على نفسها أو أكلت على هذا الوجه فسد الصيام بلا⁣(⁣٣) خلاف فيه.


(١) ما بين المعقوفين من التحرير، وقريب منه في المنتخب.

(٢) المنتخب (١٧٩).

(٣) في (أ، ب، ج): لا.