باب القول في المضاربة
مسألة: [فيما تصح المضاربة فيه من الأموال]
  قال: ولا يجوز أن يدفع إلى المضارب سوى النقد من عرض أو حيوان أو متاع أو غير ذلك بقيمته، فإن فعل فسدت المضاربة(١).
  وهو قول زيد بن علي @(٢).
  وقال القاسم: تصح المضاربة بالعروض، وبه قال أبو حنيفة، وأصحابه مثل قولنا، وهو قول أكثر العلماء.
  ووجهه: ما بيناه في باب شركة العنان من أن الشركة تقتضي الوكالة، ولا يصح أن يقول الرجل: بع هذا العبد على أن يكون الربح بيني وبينك، فهكذا المضاربة بالعروض.
  فأما المروي عن القاسم من إجازته بالعروض فالذي عندي فيه أنه أراد أن يكون صاحب المال يدفع العرض إلى المضارب ليبيعه وتكون المضاربة تقع على الثمن الحاصل، وهذا ليس ببعيد على مذهب يحيى #، بل قد نص عليه في الفنون(٣)، فتكون المسألة على هذا وفاقاً بينهما، والله أعلم.
مسألة: [في اشتراط صاحب المال على المضارب أن يتجر في بلد معين]
  قال: فإن اشترط صاحب المال على المضارب أن يتجر في بلد بعينه لم يكن للمضارب أن يخرج بماله من ذلك البلد، فإن أخرجه وتلف ضمن، وإن لم يتلف وربح كان على أصل المضاربة(٤).
  وقال أبو حنيفة مثل قولنا في أنه لا يجوز أن يخرجه من ذلك المصر، وأنه يضمن إن أخرجه، وقال هو وأصحابه: إن الربح يكون له، ويؤمر أن يتصدق به
(١) الأحكام (٢/ ٩٥، ٩٧) والمنتخب (٣٩١).
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٩٧).
(٣) الفنون (٦٦٦).
(٤) المنتخب (٣٩٢، ٣٩٣).