شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في أحكام الوصايا

صفحة 471 - الجزء 5

مسألة: [في مقدار النصيب إذا أوصى بمثل نصيب أحد الورثة]

  قال: وكذلك إن كان له ابنان فأوصى لرجلٍ بثلثه، ولآخر⁣(⁣١) بمثل نصيب أحدهما، ولآخر بنصف ماله أو ثلثه، أو بمثل نصيب أحدهم وزيادة شيء، أو بمثل نصيب أحدهم إلا شيئاً - كان العمل فيه على ما بينا من المقاسمة على مقدار الوصية، وكل ما أتى من هذا الباب فهو قياس عليه.

  اعلم أن حكم هذه المسألة وحكم التي تقدمتها مع الإجازة وغير الإجازة حكم واحدٌ لا خلاف فيه على ما بيناه، وإنما الخلاف في مقدار النصيب إذا أوصى بمثل نصيب الابن، فذهب أبو حنيفة وأصحابه والشافعي إلى أنه إن أوصى بمثل نصيب ابنه وله ابن واحدٌ أن المال بين الابن والموصى له نصفان؛ لأن هذا القول عندهم يقتضي التسوية، فإن كان له ابنان وأوصى بمثل نصيب أحدهما كان له ثلث المال، وعلى هذا كثر الأولاد أو قلوا، وهذا إذا أجازه الوارث، أعني في الابن الواحد. وقال مالك: إذا أوصى بمثل نصيب ابنه وليس له إلا ابن واحدٌ فالمال كله للموصى له، ولا شيء للابن؛ لأن نصيب الابن هو جميع المال، فإذا أوصى بمثله كان ذلك وصية بجميع المال، وإن كان له ابنان وأوصى بمثل نصيب أحدهما كان للموصى له نصف المال، ولكل واحد من الابنين ربع المال، وهذا أيضاً إذا أجازه الوارث أو الورثة. وهذا مما لا أحفظ فيه نصاً عن يحيى #، إلا أن المتأخرين من أصحابنا كانوا يشيرون إلى مثل ما حكيناه عن أبي حنيفة والشافعي، وأظنه فيما علقته⁣(⁣٢) عن أبي العباس الحسني، والمسألة عندي فيها نظرٌ، وكأن قول مالك في نفسي أقوى، وذلك أن قوله: «مثل نصيب ابني» معناه مقدار نصيب ابني، فإذا كان نصيب الابن هو الجميع فمقدار الجميع هو الجميع.


(١) في (أ، ج): وللآخر.

(٢) في (أ، ب، ج): عقلته.