باب القول في أحكام الوصايا
مسألة: [في مصرف ما أوصي به في سبيل الله]
  قال: وإن أوصى به في سبيل الله وجب أن يصرف إلى الجهاد وبناء المساجد وحفر القبور وعمل السقايات وما أشبه ذلك تخريجاً.
  هذا مخرج من حمله جزء السبيل في قسمة الصدقات على هذه الأبواب.
  ووجهه: أن سبيل الله هو ما تقرب به إلى الله ø، وكان ذلك من الأبواب التي موضوعها موضوع القرب، فوجب صرفه إليها، ولا يجوز صرفه إلى ما يقع التقرب به ندراً(١)، كأن يهدى إلى الغني؛ لأن العرف يقتضي أن الموصي قصد بوصيته هذه ما يكون موضوعه موضوع القرب.
مسألة: [في جواز دفع ما أوصى به الابن للفقراء إلى الأب إذا كان فقيراً]
  قال: وإن أوصى به للفقراء وكان له أبٌ فقير جاز أن يدفع إليه لفقره، وكان أحق به(٢).
  وذلك أنه أوصى به لقوم لهم صفة، وهي الفقر، وتلك الصفة حاصلة لأبيه، فجاز أن يوضع فيه لحصول الصفة له، ولم يمنع منه كونه وارثاً؛ لأن الوصية للوارث عندنا صحيحة.
  فإن قيل: أليس لا يجوز دفع الزكوات والكفارات إلى الأب؟ فما أنكرتم ألا يجوز دفع ما أوصى به للفقراء إليه؟
  قيل له: لا يجوز أن تدفع إليه الحقوق الواجبة التي تكون للفقراء، فأما ما كان تبرعاً وتطوعاً فإنه جائزٌ(٣) أن يدفع إليه، والوصية تبرع، فجاز أن تدفع إليه.
  ولو كان أوصى للفقراء بزكاة كانت في ذمته أو نذرٍ أو ما أشبه ذلك لم يجز أن
(١) في (أ، ج): نذراً.
(٢) المنتخب (٥٤١).
(٣) في (ب، د): أجاز. وفي (هـ): اختار. وفيها: أجاز. نسخة.