باب القول في بيع الأجناس بعضها ببعض
  فبيعوا كيف شئتم يداً بيد»، ولأن تحريم التفاضل إنما ورد إذا كان الجنس واحداً؛ ألا ترى إلى قوله: «الذهب بالذهب مثلاً بمثل، والفضة بالفضة مثلاً بمثل» حتى أتى على الأجناس المنصوص عليها؟ وإذا كان تحريم التفاضل يتناول الجنس الواحد فما عداه يكون على أصل الإباحة.
  وهذه الجملة لا خلاف فيها بيننا وبين أبي حنيفة والشافعي وسائر العلماء، إلا مالك فإنه ذهب إلى أنه لا يجوز بيع الشعير بالبر متفاضلاً، وما قدمناه يحجه.
  ويجب فيما عدا المنصوص عليه [أن يكون](١) مثله قياساً عليه، كنحو الأرز والعنب وغيرهما، بعلة أنها أجناس مختلفة، فوجب أن يجوز(٢) بيع بعضها ببعض متفاضلاً، وقياساً على ما أجمع عليه من الذهب والفضة أن بيع أحدهما بالآخر جائز متفاضلاً، والعلة أنهما جنسان مختلفان، وكذلك كل جنسين مختلفين.
مسألة: [في أن الحنطة مع تنوعها جنس واحد، وكذلك الشعير والتمر وغيرهما]
  قال: والحنطة مع تنوعها جنس واحد، وكذا الشعير والتمر والعنب، وكذا من الفواكه الرمان(٣) والسفرجل وغيرهما(٤).
  يدل على ذلك أنه ÷ لما ذكر هذه الأجناس قال بعده: «فإذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم يداً بيد» وقوله: «بيعوا الحنطة بالشعير كيف شئتم يداً بيد».
  فدل ذلك على أن جميع هذه المذكورات أجناس مختلفة وإن كان لكل واحد منها أنواع يشتمل عليها الجنس، ولا خلاف أن الذهب والفضة جنسان مختلفان، فإذا ثبت ذلك في المنصوص عليه ثبت فيما عداه من الأرز وغيره من
(١) ما بين المعقوفين من (هـ).
(٢) في (أ، ج): يحرم.
(٣) في المطبوع: والرمان.
(٤) الأحكام (٢/ ٣٥، ٣٦) والمنتخب (٣٣٨).