باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع
  فإن قيل: هذا كان في وقت أمر النبي ÷ بقتل الكلاب، ثم نسخ ذلك بأن أذن النبي ÷ في اقتناء كلب الماشية والزرع والصيد(١)، فنسخ(٢) ما رويتموه.
  قيل له: الإذن إنما ورد في الاقتناء دون البيع، ولم يرد في شيء من الأخبار الإذن في البيع، فكيف يدعى نسخ ما رويناه؟ على أن ابن عمر روى أن رسول الله ÷ أمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أو كلب ماشية(٣)، ثم روينا عنه ÷ النهي عن ثمن الكلب وإن كان ضارياً؛ فدل ذلك عل أن النهي عن ثمن الكلب كان قائماً وإن كان الكلب ضارياً مع إباحة اقتنائه؛ فدل ذلك على سقوط ما ادعوه من النسخ.
مسألة: [في بيع العذرة والميتة والخمر]
  قال: ولا يجوز بيع العذرة ولا الميتة ولا الخمر(٤).
  وهذا مما لا خلاف فيه.
  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {۞حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اُ۬لْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}[المائدة: ٤]، وقوله: {إِنَّمَا اَ۬لْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إلى قوله: {فَاجْتَنِبُوهُ}[المائدة: ٩٢]، والمنع والتحريم يتعلقان بالتصرف فيهما(٥)، وهما عامان في جميع التصرف، والبيع من جملة التصرف، فوجب تحريمه والمنع منه.
  وروى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: (نهى رسول الله ÷ عن بيع العذرة والخنزير والخمر)(٦).
(١) روى الأمر بقتل الكلاب والترخيص في كلب الصيد والغنم والزرع مسلم (١/ ٢٣٥).
(٢) في المخطوطات: نسخ.
(٣) أخرجه مسلم (٣/ ١٢٠٠).
(٤) الأحكام (٢/ ١٣).
(٥) في (أ، ج): فيها.
(٦) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٨١).