شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجوز من الهبة وما لا يجوز

صفحة 466 - الجزء 4

  فإن قيل: الوصية لما كانت تبرعاً احتاجت إلى شيء سوى القول⁣(⁣١)، فهكذا الهبة.

  قيل له: الوصية صحت بغير القبض، فكذلك الهبة. ومعنى قولهم: لا تصح الوصية أي لا يصح التملك بها بمجرد القول. على أن الصدقة قد تكون غير تبرع، وأنتم لم تفصلوا بينها وبين ما كان تبرعاً في إيجاب القبض، فبان أن هذه العلة لا معنى لها.

  فأما القبول فلا خلاف في وجوبه، والعقود لا تتم إلا بالقبول والإيجاب.

  وإبطال أصحابنا الهبة إذا لم تقبل يدل على أنهم يراعون المجلس؛ لأن المجلس لو لم يراع فيه لم تبطل إلى أن يقع الفسخ.

  ووجهه: أنه عقد تمليك مفتقر إلى الإيجاب والقبول فوجب أن يراعى في صحته المجلس؛ دليله سائر العقود.

  قال: ولا فصل بين أن يكون الموهوب معلوماً بنفسه أو محدوداً⁣(⁣٢).

  وهذا يريد به العقار؛ لأنها يصح بيعها إذا كانت معلومة بعينها أو بحدودها، وكذلك الهبة، وإنما الغرض صحة تمييزها عما سواها، وذلك يصح إذا علمت بعينها أو بحدودها، فأما ما يتأتى فيه النقل فيجب أن يكون معلوماً بعينه؛ لأنه لا يعرف بذكر الحدود؛ إذ لا حدود له.

مسألة: [في صحة الهبة والوصية لمملوك الغير إذا قبلهما]

  قال: ولو أن رجلاً وهب شيئاً لمملوك غيره فقبله المملوك جازت الهبة وكان الشيء ملكاً لمالك العبد، وإن أبى العبد قبوله بطلت الهبة، ولا معتبر بقبول سيد العبد⁣(⁣٣).


(١) في (هـ): القبول.

(*) وهو الموت. (من شرح مختصر الطحاوي ٤/ ٢٢).

(٢) الأحكام (٢/ ١٤١، ١٤٢).

(٣) الأحكام (٢/ ١٤٢).