باب القول فيما يوجب الكفارة
مسألة: [فيمن حلف أن يقتل فلاناً وفلان قد مات ولم يعلم به الحالف]
  قال: ولو أن رجلاً حلف أن يقتل فلاناً، وفلان ميت، ولم يعلم به الحالف لم يلزمه شيء(١).
  قال القاسم #: من حلف أن يزن الفيل وما أشبهه لم يلزمه شيء.
  وقول أبي حنيفة فيمن حلف أن يقتل فلاناً وهو ميت ولا يعلم به مثل قولنا، فإن كان يعلم به حنث، ولا نص لأصحابنا فيمن يحلف مع علمه بأنه ميت، والصحيح عندي أنه لا فصل بينهما. وللمسألة طريقان:
  أحدهما: أن هذه اليمين لم تتعلق بشيء؛ لأنها يمين على نقض بنية معه إفاتة الحياة، وليس للميت حياة يصح إفاتتها، فلم تتعلق اليمين على شيء منها، فأشبهت قول الرجل: والله ثم يسكت، أو يقول: والله قد خرج، ولا يقول من خرج في أنها يمين لا متعلق لها، فوجب ألا يقع بها حنث، وقالوا على هذه الطريقة فيمن حلف ليشربن الماء الذي في هذا الكوز، وليس في الكوز ماء، وبه قال أبو حنيفة ومحمد.
  قال أبو يوسف: إنه يحنث في جميعه.
  وهذه الطريقة(٢) فيها بعض النظر؛ لأن اليمين يصح تعلقها فيما تعلقت به؛ لأنه حلف أن ينقض بنية على وجهٍ تفوت معه الحياة، واليمين يصح تعلقها بما يتعذر فعله، وكذلك ليشربن(٣) الماء الذي في هذا الكوز تقديره: أني(٤) أصير شارباً لما في هذا الكوز من الماء، والدليل على أنها قد تعلقت: أن اليمين تتعلق
(١) المنتخب (٣٠١).
(٢) يعني الطريقة التي اعتمدت هنا، وأما أصل المسألة فصحيحة، وإثباتها بالطريقة التي بعد هذه. (من هامش د، هـ).
(٣) في (أ، ج): أشرب.
(٤) في (أ، ب، ج، هـ): أي. وظنن في (هـ) بـ: أني.