باب القول في الشهادات
  الشهود؛ لأنهم لو رجعوا قبل الحكم لم يحكم بشهادتهم، إلا أنه يمكن أن يقال: الحكم وإن كان مبنياً على الشهادة فليس يجريان مجرى [الفروع والأصول، ولا يجريان مجرى](١) أن يكون أحدهما شرطاً في استمرار الآخر، بل تجري الشهادة مجرى اجتهاد الحاكم في أن الحكم يمضى به، ثم زواله لا يؤثر في الحكم الواقع. على أنا لسنا نسلم أن الشهادة الأولى قد زالت بالرجوع بعد الحكم.
مسالة: [في عدم نقض الحكم إذا بقي من الشهود اثنان ونقضه إذا رجعا أو أحدهما]
  قال: ولا ينقض الحكم ما بقي من جملة الشهود شاهدان، فإن رجعا أو رجع أحدهما نقض الحكم(٢).
  وهذا على ما ذكره في المنتخب؛ لأن الحكم ثابت ما بقي شاهدان، ألا ترى أنه لو كانت هذه الحال قبل الحكم وجب أن يحكم بها؟ فأولى ألا ينقض ما قد مضى. فأما إذا رجعا أو رجع أحدهما فالكلام فيه ما مضى على الروايتين جميعاً.
مسألة: [في بطلان الطلاق إذا شهد به اثنان وحكم به ثم رجعا]
  قال: وإن شهدا على رجل بالطلاق وحكم به ثم رجعا بطل الطلاق، فإن كانت المرأة قد تزوجت زوجاً آخر انفسخ نكاحها بالثاني ورجعت إلى زوجها الأول(٣).
  وهذا على رواية المنتخب، وفيه دلالة على أن الحكم في الظاهر ليس هو حكماً في الباطن عنده؛ لأنه لو رأى ذلك كان لا يوجب إبطال الطلاق؛ لأن أكثر ما فيه أنهم شهود زور [وعلى مذهب من يرى الحكم في الظاهر حكماً في الباطن لا يبطل الطلاق المحكوم به بشهادة الزور. وما ذهبنا إليه](٤) هو قول أبي
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).
(٢) المنتخب (٥١٧).
(٣) المنتخب (٥١٧).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).